106

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

فعَلَيْهم أن يَصبِروا، ليس بمُجرَّد أن يُقال لهم: أنت مطوّع، أنت مُتَشدِّد، أنت فيك كذا وكذا. يَنحَسِر ويَدَع، هذا ليس بصحيح، لا بُدَّ أن يَصبِر ويُصابِر ويَعمَل بالحِكْمة، وليس بالعُنْف، ولكل شيء من الحالات مَنزِلته. والحاصِلُ: أن الرسول ﵊ قد وعَدَ أصحابه بالنَّصْر، فآمَن بذلك المُؤمِنون، وتَكلَّم المُنافِقون والذين في قُلوبهم مَرَض بهذا الكلامِ، ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ وكذَبوا، واللَّهِ ما وعَدَهم اللَّهُ ورسولُه إلَّا الحقَّ والصِّدْق. وقد حصَل -والحَمْد للَّه تعالى- فإن هذه الأُمَّة -وللَّه الحَمدُ- بما خلَّفه لها رسولُه ﷺ من العِلْم والهُدَى وبما قام به خُلَفاؤه ﵃ فتَحوا قُصور قَيْصرَ وكِسرى واليَمَن، وأُنفِقت كُنوزُ كِسرى وقَيْصرَ في سبيل اللَّه ﷾، وجِيء بتاج كِسرى من المدائن إلى المدينة في خِلافة عُمرَ ﵁ (^١) فتَحقَّق ما وعَد اللَّهُ ورسولُه، وإن كان النبيُّ ﵊ تُوُفِّيَ قبل أن يَحصُل ذلك، لكنه في الحقيقة هو الذي فتَح هذا؛ لأن الصحابة ما فتَحوها إلَّا بشريعة اللَّه ﷾، فصار ذلك نَصرًا للنبيِّ ﷺ؛ لأن النَّصْر -كما نَقول كثيرًا- ليس انتِصار الإنسان بشَخْصه، بلِ انتِصاره بما جاء به ودعا إليه، ولو كان على أَيْدي أَتْباعه، ولو كان ذلك من بعد موته، واللَّه أَعلَمُ. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَة الأُولَى: بَيانُ أن المُنافِقين يَنْتهِزون الفُرَص، ووجهُه أنهم في هذه الفُرصةِ وهذه الحالِ الضَّيِّقة الحالِكة، بدَؤُوا نشاطَهم وانتَهَزوا الفُرصةَ وقالوا: أين الوعدُ؟

(^١) انظر: البداية والنهاية (١٠/ ١٨).

1 / 111