301

تفسير ابن باديس

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

ویرایشگر

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

ناشر

دار الكتب العلمية بيروت

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

محل انتشار

لبنان.

مناطق
الجزایر
الإحصاء العام في الكتاب الإمام:
﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾.
لما أعلم العباد بأنه يكتب لهم وعليهم أعمالهم، أعلمهم بأنه تعالى قد كتب كل الأشياء لا خصوص أعمالهم تعميمًا بعد تخصيص.
(الإحصاء) تحصيل الشيء بالعد وضبطه والإحاطة به.
(الإمام) ما يؤتم ويقتدى به، والكتاب إمام لأنه يتبع فيؤخذ بما فيه ويعتمد عليه.
و(المبين) المظهر لما فيه، فكل ما فيه ظاهر فيه.
أصل الكلام: أحصينا كل شيء أحصيناه. فحذف أحصينا الأول لدلالة الثاني، فكان هذا أقوى في ثبوت الإحصاء ووقوعه على كل شيء.
المعنى:
يعلم الله عباده بأنه حصل كل شيء من ذوات وأقوال وأفعال، وجميع ما كان في العالم وما يكون، وأثبته فردًا فردًا في كتاب إمام معتمد، مظهر للأشياء التي فيه، فهي ثابتة ظاهرة جلية.
اعتبار:
فقد أحاط الله بكل شيء علمًا، فهو غني بعلمه عن هذه الكتابة، ولكنه جعل هذا الكتاب إظهارًا لعظمة ملكه وليعلم عباده الضبط والإحصاء في جميع أمورهم وليبالغوا في محاسبة أنفسهم وليعلموا أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم (١)، فيزول من قلوبهم الخوف من الحوادث والمخلوقات وتعظم ثقتهم بالله.
وفي ذلك أعظم قوة في هذه الحياة، وأكبر راحة للقلب من صروفها.
نسأل الله سبحانه أن يقوي قلوبنا بالإيمان، وأن يريحنا باليقين، وأن يعيذنا من الخوف إلاّ منه، ومن الخضوع إلاّ له آمين يا رب العالمين.

(١) كما ورد في الحديث عن النبي ﷺ من طريق أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت؛ وفي الحديث: «... ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا في سبيل الله تعالى ما قبله الله تعالى منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار». أخرجه أبو داود في سننه (كتاب السنة، باب ١٦، حديث رقم ٤٦٩٩).

1 / 309