{ فتلقى ءادم } وحواء لقوله تعالى : قالا ربنا . . . الخ { من ربه كلمت } دعوا بهن ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، على الأصح ، وقيل ، سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك ، وتعالى جدك ، لا إله إلا أنت ، ظلمت نفسى فاغفر لى ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، وأخرج الحاكم فى المسند ، عنه A من طريق ابن عباس أنه قال ، يا رب ألم تخلقنى بيدك ، قال بلى ، قال : يا رب ألم تنفخ فى الروح من روحك ، قال : بل ، قال : يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك ، قال : بلى ، قال يا رب ألم تسكنى جنتك ، قال : بلى ، قال : يا رب إن تبت وأصلحت أراجعى أنت إلى الجنة ، قال : نعم ، وتلقى الكلمات : التوجه إليهن بقبولهن ، والدعاء بهن ، إذ ألهمهم الرحمن الرحيم إياهن ، وقيل : هن توسله بمحمد A حين رأه مكتوبا على ساق العرش ، وقد علمه الله الكتابة { فتاب عليه } رجع إليه بعد الإعراض عنه ، وولايته وعداوته لا تنقلبان لكنه شبه كراهته أكلهما بالإعراض ورضاه بندمهما بالرجوع ، والله ينزه عن الجهات والأمكنة التنقل ، أو قبل توبته أو وفقه للتوبة ، وهكذا تربة الله حيث ذكرت وبعد ما تاب الله عليه بقى ثلثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله D { إنه هو التواب } كثير الرجوع وعظيمه على عباده بالإنعام وقبول التوبة { الرحيم } للمعاصى والمطيع ، إلا من أصر من العصاة فله فى الدنيا فقط ، ولا يقال الله تائب لعدم وروده فى القرآن ، والإجماع ، وأسماء الله توقيفية ، وقيل تقاس فيما ورد فيه لفظ الفعل أو غيره مسندا ، فنقول الله تائب على عباده ، لورود تاب عليه وتاب عليهم ، وبانى السماء وداحى الأرض ، واعلم أن لفظ الشرك حرام باتفاق الأمة ولو لم ينو به الشرك إلا حكاية أو اضطرار لأنه موهم ، وذلك من الإلحاد فى أسمائه كما قال بعض العلماء : إن الله حكم بشرك من قال عزير بن الله ، أو قال المسيح بن الله ، ولو لم ينو حقيقة البنوة ، وذلك بناء منهم على أن لفظ الإشراك شرك . ولم لم ينو ، كما أن نيته شرك بلا لفظ أو مع لفظ ، حتى إن من العلماء من لا يجيز للمضطر أن يلفظ بشرك ولو اطمأن قلبه بالإيمان ، إلا بتأويل لفظه ، أو بمعرضه ، أو إسرار شىء يخالفه وينقضه ، أو عناية ما مما ينقض اللفظ زيادة على اطمئنان قلبه ، وإنما منعوا ما يوهم الشرك ولم لم يقصد ، حسما لمادة الشرك ، كما نص عليه بعض محشى البيضاوى ، وقد اختلفوا فى أسماء الله ، أتوقيفية أم قياسية فيما ورد فيه معنى المادة بشرط الإفاضة على الكيفية الواردة ، مثل أ ، يقال فارش الأرض ، وداحى الأرض ، لقوله تعالى { والأرض فرشنها ، والأرض بعد ذلك دحيها } ، واتفقوا أنه لا يجوز تسميته بما يوهم شركا أو نقصا ولو مجازا بقرينة واضحة وعلاقة ، مثل أن يقال : لله باب ، فإنه لا يجوز إجماعا من الأمة مع أن قائله لم يقصد حقيقة النبوة ، وإنما اختلفوا ، هل يشرك من لم يقصد حقيقة النبوة والأبوة ، فقيل يشرك ، وقيل لا ، وأما أن يقول قائل بجواز أن يقال لله باب فلا ، بل اتفقوا أنه لا يجوز أن يقال ذلك ، ولو بلا قصد لحقيقة البنوة والأبوة ، واتفقوا أنه لا يجوز أن يترك إنسان بقوله وقد قال بعض فى برابرة المغرب :
إذا كنت فى الفردوس جار البربر ... فيلزمك الرحيل منها إلى سقر
يقولون للرحمن باب بجهلهم ... ومن قال للرحمن باب فقد كفر
وقد أصاب فى قوله كفر إن أراد أنه تلفظ الشرك ، وإن أراد أنه أشرك ولو لم يقصد الشرك فهو قول للعلماء كما رأيت ، وهو ضعيف ، وأخطأ فى قوله : إذا كنت فى الفردوس البيت .
وأجابه بعض المغاربة بقوله :
كفى بك جهلا أن نحن إلى سقر ... بديلا من الفردوس فى خير مستقر فإن أبا ألإنسان يدعون أنه
كفيل وقيم رحيم به وبر ومن قال للرحمن باب وقد عنى ... به ذلك المعنى مجازا فما كفر
وهذا المجيب أصاب وجرى على الواضح ، إلا أنه إن أرد أنه يجوز إبقاء البربرى أو غيره على ذلك القول لعنايته الرحمة فقد أخطأ ، فينبغى أن يفصح بأنه لم يشرك ، وأنه لا يجوز له قول ذلك ، ولا يجوز إبقاؤه بلا نهى عن ذلك .
صفحه ۴۹