{ أو كصيب } أو كمثل أهل صيب ، أو بل كمثل أهل صيب ، أو يتنوع من ينظر إليهم فى شأنهم بعقله إلى من يشبههم بالمستوقد المذكور ، وإلى من يشبههم بأهل الصيب ، أو يشك الناظر فى شأنهم أو هم كالمستوقد أو كالصيب أو يباح للعاقبل أن يشبههم بمن شاء منهما ، أو يخير أن يقصر التشبيه على أحدهما ، والصيب المطر المنحدر من السماء ، والصواب الانحدار ، والأصل صيوب على الخلاف فى باب سيد ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت فيها الياء ، وهو وزن فى معل العين . وشذ فى الصحيح كصيقل ، وقيل : هو بوزن طويل ، فقلب وشهر أن لفظ صيب اسم ، وقيل : وصف بمعنى نازل ، وزعم بعض أنه بمعنى منزل ، وبعض أنه اسم بمعنى السحاب { من السماء } السحاب ، أو من جهة السماء وجهتها السحاب . وذكر ذلك مع أنه لا يكون الصيب إلا من السحاب وجهة السماء تلويحا إلى أنه من جميع آفاقها { فيه } فى الصيب كما يتبادر ، أو فى السماء أى السحاب . وهو أولى لأن الرعد ملكا كان أو صوته أو صوت ماء هو فى السحاب ، لا فى المطر؛ ولو كان البرق يصل الأرض لأنه أولا يجىء من السحاب { ظلمت } متراكمات ، ظلمة السحاب ، ففيه ظلمة ولو فى أجزائه ، وظلمة المطر وظلمة الليل المدلول عليه بقوله : { كلما أضاء لهم مشوا فيه } ويجوز كون فيه نعتا لصيب أو حالا ، وظلمات فاعلة { ورعد } الرعد ملك سمى صوته باسمه ، أو يقدر مضاف ، أى وصوت رعد ، أو اسم موضوع لصوت ملك السحاب . أو هو صوت تضارب الماء ، وذلك الصوت مطلقا صاعقة ، كما ذكر تقريبا ، والمراد أصوات . بدليل جمعد الصواعق { وبرق } ملك على هيئة النور ، أو نور صوته الذى يزجر به السحاب ، لا كما قيل إنه سوط من نار يزجر به السحاب ، وأفردا لأنهما مصدران الآن ، أو فى الأصل وزعم بعض أنهما أفردا لأن الرعد يسوق السحاب فلو كثر لتفرق السحاب ولم يكن مطبقا ، فتزول شدة الظلمة ولو كثر البقر ولم تطبق الظلمة ، وبعض أنه لم يجمع النور فى القرآن فلم يجمع البرق { يجعلون } يحمل الناس الذين حضرهم الصيب ، دل عليهم أن المقام لذكر ظلمة الصيب ، والجمل لكونه أول على الإحاطة أبلغ من الإدخال { أصبعهم } أطراف أصابعهم على المجاز بالحذف ، أو سماهم باسم الأصابع لأنها بعضها ، والمجاز لغوى ، ونكتته التهويل بصورة جعل الأصابع إلى أصولها ، أو لا مجاز ، لأن وضع طرف إصبعه على شىء بصدق جعل أنه وضع إصبعه عليه بلا قرينة ولا علاقة ، كما أن قولك سسته بيدى حقيقة ولو كان المس ببعضها ولما فى قوله { فى ءاذنهم } فإنه حقيقة مع أن الجعل ليس فى كل الأذن ، وأطبق الأصابع مع أن المعبود السبابة لدهشتهم ، حتى إنهم يدخلون أى إصبع اتفقت ، ويجوز أن يكون المجاز عقليا بإسناد الجمع للأصابع مع أنه للأنامل { من الصوعق } المعهودة بالمعنى فى قوله ورعد ، لا باللفظ ، كقوله تعالى { وليس الذكر كالأنثى } فإن قولها ، ما فى بطنى ، أرادت به الذكر ، والمراد بها شدة الصوت ، والأكثر فى الصاعقة صوت مع نار ، أو نار بلا صوت ، لا تمر على شىء إلا أحرقته ، وذلك من الجو ، وقد يكون معها حجر أو حديد ، ويجوز حمل الآية على الصوت مع النار ، على أنهم توهموا أن عدم سماع ذلك الصوت منج لهم من أن تصيبهم نار ، فيكون الكلام تمثيلا بقوم شأنهم التوهم ، فجعلوا أصابعهم فى آذانهم لئلا يسمعوا . ولا يصح ما قيل ، إن المشهور أن الصاعقة لرعد الشديد معه قطعة نار ، بل هى قطعة النار سواء مع صوت أو دونه وهو فى الأصل صفة من الصعق ، بمعنى الصراخ وتاؤه للتأنيث صفة لمؤنث ، أو للمبالغة ، كراوية لكثير رواية الشعر ، وليس قولهم للنقل من الوصفية إلى الاسمية خارجا عن ذلك لأن حاصله أنه كان وصفا مؤنثا بالتاء ، ثم صار اسما وقيل مصدر كالعافية والعاقبة { حذر الموت } لأجل حذر الموت بالسمع ، وهو تعليل للعلة الأولى التى هى قوله من الصواعق مع معلله ، وإنما الممنوع ترادف علل على معلول مجرد بلا تبعية ، أو يقدر حاذر بن الموت . أو ذى حذر الموت ، أو يجدونها حذر الموت وحاصل الشبه بالصيب المذكور أن القرآن شبيه بالمطر ، إذ هو سبب لحياة الدنيا ، والقرآن سبب لحياة القلوب ، وأن الكفر شبيه بالظلمات فى مطلق الإهلاك وعدم الاهتداء ، وفى مطلق الحيرة ، والوعيد عليه شبيه بالرعد فى الإرهاب ، والحجج شبيهة بالبرق فى الظهور والحسن . وسد آذانهم عن سماع القرآن شبيه بسدها عن الصواعق ، وترك دينهم شبيه بالموت عندهم ، وذلك تشبيه مفردات بمفردات ، وإن شئت فتشبيه مجموع بمجموع تمثيلى { والله محيط بالكفرين } بأجسامهم واعتقادهم وأقوالهم وأفعالهم ، ولا يخفى عنه ما يعاقبهم عليه ، أو قل ، وعقاب الله محيط بالكافرين ، شبه قدرته بإحاطة المحيط بالشىء ، تشبيه الكامل بالناقص على الاستعارة الأصلية ، واشتق منه محيط على التبعية ، أو الاستعارة تمثيلية ، أو الإحاطة الإهلاك ون معناه ، أحاطت به خطيئته ، أو عالم علم مجازاة ، ومن معناه ، وأحاط بما لديهم .
صفحه ۲۷