344

تفسیر الاعقم

تفسير الأعقم

ژانرها

[98 - سورة البينة]

[98.1-8]

" ومن قرأ سورة { لم يكن } كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا " عن أبي الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال:

" لو يعلم الناس ما في هذه السورة { لم يكن الذين كفروا } لعطلوا الأهل والمال وتعلموها ".

كان الكفار من الفريقين أهل الكتاب وعبدة الأوثان يقولون قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تنفك عما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والانجيل وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولون ثم قال: { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذ جاءهم الرسول طوبى مما فرقهم عن الحق ولا أقرهم على الكفر الا في الرسول، وهو محمد سماه نبيا لما معه من البينات نحو القرآن وسائر المعجزات، ثم فسر البينة فقال: { رسول من الله } متعلقا { يتلو } عليهم { صحفا } جمع صحيفة، وقيل: الصحف المطهرة في السماء، وقيل: هو القرآن لأنه مثبت في اللوح المحفوظ { فيها كتب قيمة } أي عادلة، وقيل: مستقيمة { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } ثم تفرقوا في الدين، ولم يختلفوا إلا من بعد ما جاءتهم الحجة، وقيل : كانوا مجتمعين على نبوة محمد فلما بعث محمدا تفرقوا من بعضهم وكفر بعضهم { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } مايلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام، وقيل: مستقيمين { ويقيموا الصلاة } ويديمونها بأركانها { ويؤتوا الزكاة } المفروضة { وذلك } يعني ما ذكر { دين القيمة } ذلك الدين المستقيم { إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } عطف المشركين على الذين كفروا { في نار جهنم خالدين فيها } أي دائمين { أولئك هم شر البرية } أي شر الخلق { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } أي خير الخليقة { جزآؤهم عند ربهم جنات عدن } اقامة { تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أبنيتها وأشجارها { خالدين فيها أبدا } أي دائمين لا ينقطع { رضي الله عنهم } بما قدموا من الطاعات وقيل: رضي أعمالهم ورضوا بما جازاهم من النعم والثواب، وقيل: رضي الله عنهم حيث وحدوه ونزهوه عن القبائح وأطاعوه { ورضوا عنه } حيث فعل لهم ما رجوا من فضله وخيره { ذلك لمن خشي ربه } عقابه فأطاعه.

[99 - سورة الزلزلة]

[99.1-5]

وقوله: { إذا زلزلت الأرض } حركت حركة شديدة واضطربت، وقيل: تزلزلت ووجفت، والزلزلة شدة الاضطراب، وكانوا يسألون عن القيامة فذكر الله أشراطها وأعلامها، وقيل: { زلزالها } انما يكون عند تفرطها { وأخرجت الأرض أثقالها } قيل: الموتى المدفونون فيها يخرجون أحياء للجزاء والثقل الحمل، وقيل: كنوزها ومعادنها فتلقيها على ظهرها لأهل الموقف، والفائدة فيه وجوه: منها أن العاصي والظالم يتحسر بالنظر اليها إذا عصى الله فيها ثم رآها لا يغني عنه شيئا، ومنها أنه تكوى بها جباههم وظهورهم ومنها أن الله يعيرهم بها فيقول لهم: بهذا عصيتموني ولي ميراثها { وقال الانسان مالها } { يومئذ تحدث أخبارها } قيل: فيه تقديم وتأخير أي تحدث أخبارها فيقول الانسان: مالها؟ وقيل: يقول الانسان: ما لها حين تخبر بأحوالها، وقوله: { مالها } أي ما للأرض تزلزلت متعجبا، أي ما لها حدثت فيها ما لم يعرف، وقيل: ما لها تشهد قالها كناية عن الأرض { يومئذ تحدث أخبارها } أي أخبار الأرض وما كان عليها ومن عصى، وقيل: بما عملوا الناس عليها من خير وشر فتقول: المؤمن وحد وصام، وتقول: الكافر أشر وعصى، وتشهد كما شهد الملائكة والجوارح، ومتى قيل: وما الفائدة في ذلك؟ قلنا: وجوه: خزي الكافر وسرور المؤمن، ومنها إيلاء العذر ككلام الجوارح ليعلم أنه أتى من قبل نفسه وان الله ليس بظلام للعبيد، ومنها أنه لطف للمكلف اذا تصور تلك الحالة صرفه عن العصيان، ومتى قيل: تكلم الأرض؟ قلنا: فيه وجهان: اما أن يخلق فيها الكلام فكيون الله مجوبه واضافة الى الأرض مجاز وهو في باب القرآن واسع، والثاني أن يصورها حيوانا تكلم وتكون حجة على الخلق، ذكر الوجهين أبو علي، ورواه الحاكم، وعن ابن مسعود: انما تكلم يومئذ فتقول: الله أمرني بهذا، وهذا أقرب الى الظاهر.

[99.6-8]

{ يومئذ يصدر الناس أشتاتا } يتفرقون عن قبورهم الى الحساب قيل: أشتاتا كل قوم على دين ومذهب، فيردون زمرة زمرة كل زمرة يقدمها امامها، وقيل: يتفرقون عن موضع الحساب الى موضع الجزاء، أشتاتا متفرقين فأخذ ذات اليمين الى الجنة وأخذ ذات اليسار الى النار { ليروا أعمالهم } قيل: يروا جزاء أعمالهم، وقيل: يروا صحائف أعمالهم، قال ابن عباس: ليس مؤمن ولا كافر إلا أراه الله عمله، فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته فيغفر له سيئاته، والثاني تحبط حسناته { فمن يعمل مثقال ذرة } قيل: النملة الصغيرة، وروي عن ابن عباس انه قال: مائة نملة وزن حسنة { خيرا يره } أي يجد جزاء ما عمل من الخير وإن قل { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } واختلفوا في هذه الآية قال ابو علي (رحمه الله): حمله على الرؤية على الجزاء لأن المؤمن والتائب يرى السيئات مكفرة ويثاب على الحسنات من غير تخسير، والكافر يرى حسناته محبطة، وقال أبو هاشم: يجازى على جميع أفعاله لا يضع شيئا فان كان مؤمنا يجازى على حسناته وان كان كافرا يعاقب على ذنوبه.

صفحه نامشخص