[7.31-36]
قوله تعالى: { يا بني آدم خذوا زينتكم } أي ريشكم ولباس زينتكم { عند كل مسجد } أي كلما صليتم، والآية نزلت فيمن كان يطوف عريانا ويدع ثيابه وراء المسجد وإن طاف وهي عليه ضرب وانتزعت عنه، وقيل: إنما فعلوا ذلك تفاؤلا ليتعروا عن الذنوب كما تعروا عن الثياب، وقيل: الزينة المشط وقال مجاهد: هو ما يواري عورتك ولو عباءة، وقيل: الطيب، وكان بنو عامر لا يأكلون الطعام الا قوتا في أيام حجهم، ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم، فقال المسلمون: إنا أحق أن نفعل، فنزلت الآية فقيل لهم: { كلوا واشربوا } ، وعن ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة، وقيل: الإسراف ما قصرت به عن حق الله تعالى وأنفق في معصية الله تعالى، وقيل: { ولا تسرفوا } لا تحرموا الحلال ويروى أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال لعلي بن الحسين: ليس في كتابكم شيء من علم الطب، والعلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان؟! فقال له: قد جمع الله الطب كله في نصف آية فقال: ما هي؟ قال: قوله تعالى: { كلوا واشربوا ولا تسرفوا } فقال النصراني: لا يؤثر عن نبيكم شيء في علم الطب؟ فقال: قد جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الطب كله في ألفاظ يسيرة قال: ما هي؟ قال:
" المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء واعط كل بدن ما عودته "
فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } الثياب وكل ما يتجمل به { والطيبات من الرزق } وهي المستلذات من المطاعم والمشارب، وقيل: هو الحلال والوجه الأول قاله الحاكم { قل } يا محمد { هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة } يعني انها في الدنيا مشتركة بين المؤمن والكافر وفي الآخرة خالصة لهم دون أعدائهم المشركين { قل } يا محمد { إنما حرم ربي الفواحش } يعني جميع القبائح والمحظورات، وقيل: هو الزنا، وقيل: هو الطواف عريانا، وقيل: { ما ظهر منها } أفعال الجوارح { وما بطن } أفعال القلوب، وقيل: ما ظهر ما جاهر، وما بطن ما استتر بعضهم عن بعض { والإثم } الذنوب والمعاصي { والبغي } الظلم، وقيل: البغاء لا يكون إلا مذموما { وإن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا } حجة وبرهانا { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } في تحريم الملابس والمآكل { ولكل أمة أجل } مدة، قوله تعالى: { يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم } ، قيل: هو خطاب لجميع المكلفين من بني آدم وهو معطوف على ما تقدم من خطاب آدم وبنيه يعني يقصون عليكم القرآن، قوله تعالى: { والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها } يعني تكبروا عن قبول الحق، وقيل: تكبروا عن الايمان والقرآن.
[7.37-41]
قوله تعالى: { أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب } أي حظهم مما كتب لهم من الأرزاق قاله جار الله لا غير، وقيل: أعمالهم التي عملوها وكتب عليهم من خير أو شر فمن عمل شيئا من خير أو شر جزي به { حتى إذا جاءتهم رسلنا } يعني الملائكة { يتوفونهم } عند الموت { قالوا أين ما كنتم تدعون } يعني تعبدون { من دون الله قالوا ضلوا عنا } ضاعوا ولا ندري أين ذهبوا يعني الأوثان، وبطلت عبادتنا { قال ادخلوا في أمم } ، قيل: القائل لهم هو الملائكة، وقيل: القائل الله عز وجل والأمم الجماعات، قوله تعالى: { كلما دخلت أمة لعنت أختها } المشركة تلعن المشركة، واليهودية تلعن اليهودية، والنصرانية تلعن النصرانية، وكذلك المجوس والصابئون ويلعن الأتباع القادة يقولون: لعنكم الله أنتم غررتمونا، قال الله تعالى: { حتى إذا اداركوا فيها جميعا } أي تلاحقوا واجتمعوا في النار، وقيل: حطوا في درك من الدركات { قالت أخراهم لأولاهم } ، قيل: الأتباع للقادة، وقيل: أولاهم الذين يدخلون النار أولا وأخراهم الذين يدخلون آخرا { هؤلاء أضلونا } يعني هؤلاء القادة الرؤساء ومن شرع الضلال دعونا إلى الضلال، وقيل: منعونا من اتباع الحق { فآتهم } أي فاعطهم { ضعفا } من النار { قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون } أي كل واحد لا يعلم ما بصاحبه من العذاب وقالت أولاهم القادة لأخراهم الاتباع جوابا لهم: { فما كان لكم علينا من فضل } لأنكم كفرتم كما كفرنا، قوله تعالى: { واستكبروا عنها } ، قيل: عن القرآن، وقيل: هو عام { لا تفتح لهم أبواب السماء } ، قيل: انه يفتح لروح المؤمن ولا يفتح لروح الكافر، وقيل: لا تفتح لدعائهم وأعمالهم، وقيل: لا تصعد بها الملائكة لأن أرواحهم وكتبهم في سجين { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } ، قيل: حتى يدخل الجمل في ثقب الابرة وهذا مثل للبعد، والخياط المخيط الإبرة ذكره الثعلبي، قال الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
وصار القار كاللبن الحليب
{ لهم من جهنم مهاد } يعني فراش من النار { ومن فوقهم غواش } ظلل منها، وقيل: الغواش اللحف { وكذلك نجزي الظالمين } الذين ظلموا أنفسهم بالمعاصي وغيرها.
[7.42-49]
صفحه نامشخص