479

فخرج فرعون إلى الموعد واجتمع الناس فيه ، وأحضروا موسى وهارون { فلما جآء السحرة } الموعد { قالوا لفرعون } طالبين الجعل منه: { أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين } [الشعراء: 41] المبطلين ما جاء به من السحر.

{ قال } لهم فرعون: { نعم } إن غلبتم أنتم لكم من الأجر ما أملتم وطلبتم { و } بعد ذلك { إنكم إذا لمن المقربين } [الشعراء: 42] إلي، المصاحبين معي، فلكم الترقي والزيادة في الإنعام والإحسان في كل حين وأوان.

وبعدما رضوا بما وعدوا جاءوا بمقابلة موسى، واشتغلوا بمعارضته { قال لهم } أي: السحرة { موسى } على سبيل الجراءة وعدم المبالاة بسحرهم: { ألقوا } أيها الطغاة البغاة، المتعارضون بأكاذيب السحرة والشعبذة مع آيات الله ومعجزاته عنادا ومكابرة { مآ أنتم ملقون } [الشعراء: 43] من الأباطيل.

{ فألقوا حبالهم وعصيهم } التي احتالوا فيها بأنواع الحيل { وقالوا } حين إلقائها مقسما: { بعزة فرعون } وسطوته وجلاله { إنا لنحن الغالبون } [الشعراء: 44] المقصورون على الغلبة على موسى وأخيه.

ولما رأى موسى من أباطيلهم ما رأى { فألقى موسى عصاه } بإلهام الله إياه { فإذا هي } ثعبان مبين { تلقف } أي: تبتلع وتلتقم جميع { ما يأفكون } [الشعراء: 45] أي: يحتالون فيه، ويخيلونه حيات تسعى بتمويهاتهم وتزويراتهم.

وبعدما شاهد السحرة من عصا موسى ما شاهدوا من الأمر العظيم المعجز الذي لا يتأتى بالسحر مثله تيقنوا أنها ما هي سحر وشعبذة، بل أمر سماوي إلهي، لا يكتنه لميته وكيفيته.

{ فألقي السحرة } على الفور { ساجدين } الشعراء: 46] متذللين، واضعين جباههم على تراب المذلة استحياء من مقابلة أباطيلهم معه.

{ قالوا } حين سقطوا صائحين: { آمنا برب العالمين } [الشعراء: 47].

{ رب موسى وهارون } [الشعراء: 48] وصدقنا أنهما رسولان من عنده سبحانه على الحق، وأذعنا ألا معبود يعبد بالحق، ويستحق للعبادة سواه، ولا إله غيره.

وبعدما رأى فرعون منهم ما رآى { قال } مهددا متوعدا إياهم: { آمنتم له } أي: صدقتم موسى بغتة، وآمنتم لإلهه { قبل أن آذن لكم } بتصديقه، فقد لاح { إنه لكبيركم } ومعلمكم { الذي علمكم السحر } اتفقتهم مه في الخلوة؛ لتفضحونا على رءوس الملأ { فلسوف تعلمون } أيها المفسدون أنا أقدر على الانتقام والتعذيب أم رب موسى؟! { لأقطعن } أولا { أيديكم وأرجلكم من خلاف } متبادلتين { ولأصلبنكم } بعد ذلك على رءوس الأشهاد { أجمعين } [الشعراء: 49] بجمعكم هذا؛ ليعتبر من حالكم من في قلبه خلافنا ونفاقنا.

صفحه نامشخص