{ واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضآء } ذات شعاع محير للعقول والأبصار { من غير سوء } أي: من غير حجاب يسترها وينقص من نورها؛ لتكون { آية أخرى } [طه: 22] لك أجلى من الآية السابقة.
وإنما أريناك الآيات قبل إرسالك من أرسلناك { لنريك } أولا { من آياتنا الكبرى } [طه: 23] فيطمئن بها قلبك، ويقوى ظهرك بإمدادنا لك في رسالتك، وتأييدنا إياك فيها.
فإذا اطمئن قلبك وقوي ظهرك { اذهب } أيها الهادي بإهدائنا وتوفيقنا نيابة عنا { إلى فرعون } الضال المستغرق في بحر العتو والعناد { إنه طغى } [طه: 24] أي: ظهر علينا مستكبرا بقوله للضعفة:
أنا ربكم الأعلى
[النازعات: 24] فبلغ إنذاراتنا وتخويفاتنا، وزد عليها الدلائل العقلية والنقلية والكشفية؛ لعله يتنبه بها، وينزجر بسببها عما عليه من العتو والعناد.
وبعدما سمع موسى خطاب الله إياه { قال } مشمر الذيل إلى الذهاب طالبا التوفيق من رب الأرباب: { رب } يا من رباني بأنواع اللطف والكرم، وأعطائي الآيتين الكريمتين العظيمتين؛ لتكوننا شاهدين على صدقي في دعواي { اشرح لي صدري } [طه: 25] أي: وسع لبي؛ بحيث لا يخطر ببالي خوف من العدو أصلا.
{ و } مع ذلك { يسر } وسهل { لي أمري } [طه: 26] هذا؛ بحيث لا أضطرب في تبليغه، ولا أستوحش من جاه فرعون وشوكته.
{ و } إذا شرعت لأداء الرسالة { احلل } وارفع لكنة عارضة من مهابة العدو، سيما هذا الطاغي { عقدة من لساني } [طه: 27] كي { يفقهوا قولي } [طه: 28] وغرضي منها.
{ و } إذا أوقعتني لأداء رسالتك يا ربي { اجعل لي وزيرا } ظهيرا، يصدقني في أمري، ويعينني عليه، ولا تجعل ظهيري من الأجانب؛ لقلة شفقتهم علي وعطفهم بي، بل اجعله { من أهلي } [طه: 29] وأقربائي أولى، وهو { هارون } إذ هو { أخي } [طه: 30] الأكبر بمنزلة الأب في الشفقة، وإذا جعلت هارون وزيري { اشدد به } أي: أقو وأحكم بسببه يا معيني ومغيثي { أزري } [طه: 31] أي: ظهري { و } لا يتحقق تقويته على حقيقته إلا بعد اشتراك معي في أداء الرسالة { أشركه } يا ربي { في أمري } [طه: 32] ورسالتي، بأن تنكشف عليه كما انكشفت لي؛ ليكون من المكاشفين، الموقنين بوحدانيتك يا ربي، الممتثلين بأوامرك، المجتنبين عن نواهيك.
وإنما سأتلك يا ربي الإعانة بأخي { كي نسبحك } ونقدس ذاتك عما لا يليق بشأنك تقديسا { كثيرا } [طه: 33].
صفحه نامشخص