{ وكذلك } أي: مثل قسمتهم في القربات والصدقات { زين } حبب وحسن { لكثير من المشركين قتل أولدهم شركآؤهم } أي: آلهتهم الذين يعبدونهم من دون الله من الشياطين، وما ذلك التزيين والتحسين إلا { ليردوهم } ليهلكوهم ويضلوهم بالإغواء عن طريق الحق { وليلبسوا } ويخلطوا { عليهم دينهم } الذي وجب عليهم الانقياد والإطاعة ليصلوا إلى طريق التوحيد { ولو شآء الله } الهادي لعباده هدايتهم { ما فعلوه } أي: ما قبلوا ما زينوهم ولبسوا عليهم { فذرهم وما يفترون } [الأنعام: 137] أي: جانب عنهم وعن افترائهم إلى أن نأخذهم وننتقم عنهم.
[6.138-139]
{ و } من جملة ما اخترعوها من تلقاء أنفسهم ونسبوها إلى الله وإلى كتابه ترويجا أنهم { قالوا هذه } المعينة المفروضة { أنعم وحرث حجر } حرام { لا يطعمهآ إلا من نشآء } إطعامه؛ يعنون سدنةن الأوثان وخدمتهم من الرجال دون النساء، فإنها يحل عليهم ويحرم على غيرهم وما هي إلا { بزعمهم } الفاسد بلا حجة نقلية وعقلية { و } أيضا قالوا: هذه { أنعم حرمت ظهورها } وأراد البحائر والسوائب والحوامي، { و } قالوا أيضا: هذه { أنعم } معدة للتجارة والحمل والظعن { لا يذكرون اسم الله عليها } أي: لا يركبونها للحج، كل ذل من مخترعاتهم التي يخترعونها من أهويتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة ويفترون { افترآء عليه } سبحانه بلا سند لهم نازل من عنده { سيجزيهم } الله ويعذبهم { بما كانوا يفترون } [الأنعام: 138] أي: بسبب بافترائهم عليه.
{ و } من جملة مفترياتهم ومخترعاتهم أنهم { قالوا ما في بطون هذه الأنعم } أي: البحائر والسوائب إن كانت حيا فهي { خالصة لذكورنا } مخصصة مستحلة لهم { ومحرم على أزوجنا } لا نصيب لهن فيه { وإن يكن ميتة } أي: وإن يخرج ميتة { فهم } أي: الذكور والإناث { فيه شركآء } بلا تفاوت وخصوصية { سيجزيهم وصفهم } أي: سيجزيهم الله على وصفهم، وتفصيلهم هذا افتراء عليه { إنه حكيم } في جزاء المفترين { عليم } [الأنعام: 139] بمقدار جزائهم.
[6.140-142]
{ قد خسر } وخاب خيبة مؤبدة الأعراب { الذين قتلوا أولدهم سفها } مخالفة سبي وإملاق { بغير علم } منهم بما يؤول أمرهم عليه، ولا شك أن الرازق لعباده هو الله لا هم { و } أيضا { حرموا } على نفوسهم { ما رزقهم الله } وأباح عليهم ن البحائر والسوائب وغيرها ونسبوا تحريمها { افترآء على الله } هوى وميلا إلى الباطل، وبالجملة: { قد ضلوا } بهذه الجرائم عن طريق الحق { وما كانوا مهتدين } [الأنعام: 140] إلى توحيده وما يرجى منهم الهداية والفلاح أصلا.
{ و } كيف تضلون عن طريق الحق أيها الجاهلون المسرفون مع أنه سبحانه { هو الذي أنشأ } لكم لمعاشكم في النشأة الأولى { جنت } من الكروم { معروشت } مرتفعات من الأرض { وغير معروشت } ملقيات على وجه الأرض { و } أنشأ لكم أيضا { النخل والزرع مختلفا أكله } أي: أكمل كل واحد منهما رطبا ويابسا { والزيتون والرمان متشبها } بعضها ببعض { وغير متشبه } بل مختلف في الشكل والطعم { كلوا من ثمره } أي: ثمر كل واحد من المذكورات حيث شئتم { إذآ أثمر وآتوا حقه } أي: أخرجوا حق الله منه على الوجه المفروض { يوم حصاده } إدراكه وبدو صلاحه { ولا تسرفوا } في الأكل إلى حيث تقسى قلوبكم وبكل إدراككم { إنه لا يحب المسرفين } [الأنعام: 141] أي: لا يرضى: عنهم وعن فعلهم؛ إذ الأكل إنما هو لقوام البدن وتقوية الروح على فعله، وإسرافه يفضي إلى التعطيل والتكليل المخل للحكمة الإلهية.
{ و } إنشاء لكم أيضا { من الأنعم حمولة } تحملون أثقالكم يوم ظعنكم { وفرشا } تفرشون من أصوافها وأشعارها وأوبارها المنسوجة تحتكم يوم إقامتكم { كلوا مما رزقكم الله } وأباحه عليكم منها { ولا تتبعوا } أثر { خطوت الشيطن } ولا تسمعوا وساوسه في تحليل المحرمات وتحريم المباحات؛ يعني: لا تتبعوا أهويتكم التي هي من جنود الشياطين { إنه لكم عدو مبين } [الأنعام: 142] ظاهر العداوة فاجتنبوا من إغوائها.
[6.143-144]
واعلموا أيها المؤمنون أن الله سبحانه أباح لكم من الأنعام { ثمنية أزوج من الضأن اثنين } الكبش والنعجة وما يتولج منهما { ومن المعز اثنين } التيس والعنز أيضا كذلك { قل } يا أكمل الرسل لمن يدعي التحريم في تقدير الجنس إلزاما وتبكيتا: { ءآلذكرين } الكبش والتيس { حرم أم الأنثيين } النعجة والعننز { أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } أي: حرم ما في بطن الأنثيين من هذين الجنسين ذكرا كان أو أنثى { نبئوني } أخبروني أيها المدعون تحريم شيء منها { بعلم } أي: بمقدمة معلومة عندكم من نقل ونص دال على أن الله حرم شيئا من ذلك { إن كنتم صدقين } [الأنعام: 143] في دعوى التحريم.
صفحه نامشخص