تفسير البغوي
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
پژوهشگر
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
ناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الرابعة
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
قَوْلُهُ: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ﴾ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عِبَادِهِ ﴿الرَّحِيمُ﴾ بِخَلْقِهِ.
﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)﴾
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ. وَقِيلَ: الْهُبُوطُ الْأَوَّلُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالْهُبُوطُ ﴿الْآخِرُ﴾ (١) مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ أَيْ فَإِنْ يَأْتِكُمْ يَا ذُرِّيَّةَ آدَمَ ﴿مِنِّي هُدًى﴾ أَيْ رُشْدٌ وَبَيَانُ شَرِيعَةٍ، وَقِيلَ كِتَابٌ وَرَسُولٌ ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ قَرَأَ يَعْقُوبُ: فَلَا خَوْفَ بِالْفَتْحِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ وَالْآخَرُونَ بِالضَّمِّ وَالتَّنْوِينِ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا [يَسْتَقْبِلُونَ هُمْ] (٢) ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ عَلَى مَا خَلَّفُوا. وَقِيلَ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فِي الْآخِرَةِ
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (يَعْنِي جَحَدُوا) (٣) ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يَا أَوْلَادَ يَعْقُوبَ. وَمَعْنَى إِسْرَائِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، "وَإِيلُ" هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ صَفْوَةُ اللَّهِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِسْرَائِيلُ بِغَيْرِ هَمْزٍ ﴿اذْكُرُوا﴾ احْفَظُوا، وَالذِّكْرُ: يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَيَكُونُ بِاللِّسَانِ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الشُّكْرَ، وَذُكِرَ بِلَفْظِ الذِّكْرِ لِأَنَّ فِي الشُّكْرِ ذِكْرًا وَفِي الْكُفْرَانِ نِسْيَانًا، قَالَ الْحَسَنُ: ذِكْرُ النِّعْمَةِ شُكْرُهَا ﴿نِعْمَتِي﴾ أَيْ: نِعَمِي، لَفْظُهَا وَاحِدٌ وَمَعْنَاهَا جَمْعٌ (٤) كَقَوْلِهِ تَعَالَى "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا" (٣٤-إِبْرَاهِيمَ) ﴿الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ عَلَى أَجْدَادِكُمْ وَأَسْلَافِكُمْ. قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ النِّعَمُ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ: مِنْ فَلْقِ الْبَحْرِ وَإِنْجَائِهِمْ مِنْ فِرْعَوْنَ بِإِغْرَاقِهِ وَتَظْلِيلِ الْغَمَامِ عَلَيْهِمْ فِي التِّيهِ، وَإِنْزَالِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَإِنْزَالِ التَّوْرَاةِ، فِي نِعَمٍ كَثِيرَةٍ لَا تُحْصَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ جَمِيعُ النِّعَمِ الَّتِي لِلَّهِ ﷿
(١) في ب: الثاني. (٢) في ب فيما يستقبلهم. (٣) زيادة من (ب) . (٤) انظر: تفسير الواحدي ١ / ٩٠، القرطبي: ١ / ٣٣١.
1 / 86