278

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

ویرایشگر

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

ناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الرابعة

سال انتشار

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الزَّوْجِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مِنْ أَهْلِ الْعَفْوِ، أَوْ يَعْفُو وَلِيُّهَا فَيَتْرُكُ نَصِيبَهَا إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا أَوْ غَيْرَ جَائِزَةِ الْأَمْرِ فَيَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ عَفْوُ الْوَلِيِّ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَشُرَيْحٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَرْكُ الشَّيْءِ مِنَ الصَّدَاقِ، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِالِاتِّفَاقِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا، وَقَالُوا: مَعْنَى الْآيَةِ إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ نَصِيبِهَا فَيَعُودُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ يَعْفُو الزَّوْجُ بِتَرْكِ نَصِيبِهِ فَيَكُونُ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَجْهُ الْآيَةِ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ نِكَاحِ نَفْسِهِ فِي كُلِّ حَالٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ موضعه رفع الابتداء أَيْ فَالْعَفْوُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، أَيْ إِلَى التَّقْوَى، وَالْخِطَابُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا لِأَنَّ الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ إِذَا اجْتَمَعَا كَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْمُذَكَّرِ مَعْنَاهُ: وَعَفْوُ بَعْضِكُمْ عَنْ بَعْضٍ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ أَيْ إِفْضَالَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِإِعْطَاءِ الرَّجُلِ تَمَامَ الصَّدَاقِ أَوْ تَرْكِ الْمَرْأَةِ نَصِيبَهَا، حَثَّهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْإِحْسَانِ ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ أَيْ وَاظِبُوا وَدَاوِمُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِمَوَاقِيتِهَا وَحُدُودِهَا وَإِتْمَامِ أَرْكَانِهَا، ثُمَّ خَصَّ مِنْ بَيْنِهَا الصَّلَاةَ الْوُسْطَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا دَلَالَةً عَلَى فَضْلِهَا، وَالْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ، وَوَسَطُ الشَّيْءِ: خَيْرُهُ وَأَعْدَلُهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمْرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٍ وَجَابِرٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ مَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ وَالْقُنُوتُ طُولُ الْقِيَامِ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ مَخْصُوصَةٌ بِطُولِ الْقِيَامِ وَبِالْقُنُوتِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ اللَّهُ: "وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" (٧٨-الْإِسْرَاءِ)، يَعْنِي تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ، فَهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي دِيوَانِ اللَّيْلِ وَدِيوَانِ النَّهَارِ، وَلِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْ جَمْعٍ وَهِيَ لَا تُقْصَرُ وَلَا تُجْمَعُ إِلَى غَيْرِهَا.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، لِأَنَّهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَهِيَ أَوْسَطُ صَلَاةِ النَّهَارِ فِي الطُّولِ.

1 / 287