155

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

پژوهشگر

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

ناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الرابعة

سال انتشار

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الْأُمَّةُ، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ الْحَقِّ فِي الْقِبْلَةِ، ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ يَعْنِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَأَصْحَابَهُ ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يَعْنِي يَعْرِفُونَ مُحَمَّدًا ﷺ ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ فَكَيْفَ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا عُمَرُ لَقَدْ عَرَفْتُهُ حِينَ رَأَيْتُهُ كَمَا عَرَفْتُ ابْنِي وَمَعْرِفَتِي بِمُحَمَّدٍ ﷺ أَشَدُّ مِنْ مَعْرِفَتِي بِابْنِي، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَعَتَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِنَا وَلَا أَدْرِي مَا تَصْنَعُ النِّسَاءُ، فَقَالَ عُمَرُ وَفَّقَكَ اللَّهُ يَا ابْنَ سَلَامٍ فَقَدْ صَدَقْتَ (١) ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَمْرَ الْكَعْبَةِ ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أَيْ هَذَا الْحَقُّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ وَقِيلَ رُفِعَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ الشَّاكِّينَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ﴾ أَيْ لِأَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ قِبْلَةٌ وَالْوِجْهَةُ اسْمٌ لِلْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أَيْ مُسْتَقْبِلُهَا وَمُقْبِلٌ إِلَيْهَا يُقَالُ: وَلَّيْتُهُ وَوَلَّيْتُ إِلَيْهِ: إِذَا أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ (٢)، وَوَلَّيْتُ عَنْهُ إِذَا أَدْبَرْتُ عَنْهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ مُوَلِّيهَا وَجْهَهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ، هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اللَّهِ ﷿ يَعْنِي اللَّهُ مُوَلِّي الْأُمَمِ إِلَى قِبْلَتِهِمْ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: مُوَلَّاهَا، أَيِ: الْمُسْتَقْبِلُ مَصْرُوفٌ إِلَيْهَا ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ أَيْ إِلَى الْخَيِّرَاتِ، يُرِيدُ: بَادَرُوا بِالطَّاعَاتِ، وَالْمُرَادُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْقَبُولِ ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا﴾ أَنْتُمْ وَأَهْلُ الْكِتَابِ ﴿يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾

(١) أخرجه الثعلبي من حديث ابن عباس. وفيه الكلبي وهو كذاب الفتح السماوي ١ / ١٩٥. انظر: الوسيط للواحدي: ١ / ٢١٥، أسباب النزول له أيضا ص ٤٠. (٢) وفي "أ" عليه.

1 / 164