تفسير الراغب الأصفهاني
تفسير الراغب الأصفهاني
پژوهشگر
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
ناشر
كلية الدعوة وأصول الدين
محل انتشار
جامعة أم القرى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال بعض العلماء إنما قال " بسم الله " ولم يقل " الله " لأنه لما استحب الاستعانة بالله تعالى في كل أمر يفتتح به من قراءة وغيرها، فبعضهم - يذكره - بقلبه، وبعضهم يزيد عليه ويقوله بلسانه ويكون أبلغ - و" ذكر الله مستعمل في كل ذلك " - وألفاظ الاستعانة نحو " أستعين بالله " و" اللهم أعني " ونحو ذلك كثير، فصار لفظة " بسم الله " مستغني به عن جميعها وقائماُ مقامها، ولو قال " بالله " (لكان يقتضي الاستعانة) بهذه اللفظة فقط و" اسم - ههنا - موضوع موضع المصدر، أي: التسمية، نحو قوله: وبَعَدَ عَطَائِكَ المْائَةَ الرَّتَاعاَ
أي: إعطائك، وكما وضع " السلام " موضع " التسليم ".
وذكر أبو عبيدة أن قوله " بسم الله " معناه: الله - والاسم زيادة - واحتج بقول الشاعر:
إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمَ السَّلاّمِ عَلَيْكُمَا ...
وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرَ.
وإنما المعنى أن القائل إذا قال " الله أبتدى " فمعناه: بهذا الاسم.
وإذا قال: " بسم الله " فإن المقصود به " المسمى " فصار قول القائل " أفتتح باسم الله " يفيد فائدة أفتتح الله.
وما ذكر من الخلاف في أن " الأسم " هل هو " المسمى "؟ أو " غيره ".
فقولان قالواهما بنظرين مختلفين، وكلاهما صحيح بنظر ونظر، وذاك أن من قال: الاسم الذي هو زيد أو عمرو، هو المسى، فإنما نظر إلى نحو قولهم: " رأيت زيدًا "، و" زيد رجل فاضل "، فإن " زيدًا " - ههنا - عبارة عن المسمى، والرؤية تعلقت به، ومن قال: هو - غير المسمى، فإنه نظر إلى [نحو]- " قولهم ": سميت ابني زيدًا و" زيد اسم حسن "، وإنما عنى: أني سميت: بهذا اللفظ الذي هو " ز ي د " وأن هذا محكوم عليه بالحسن.
فإذا - قولك: زيد حسن لفظ مشترك يصح أن يعني به أن هذا اللفظ حسن وأن يعني به أن المسمى به حسن، ونحو هذا الاشتباه في قولك: هذا إنسان، فإنه يستعمل على ضربين أحدهما
1 / 47