تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
ژانرها
[74]
قوله تعالى : { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك } ، قال الكلبي : قالوا بعد ذلك : لم نقتله نحن ؛ وأنكروا ؛ ولم يكن أعمى قلبا ولا أشد تكذيبا منهم لنبيهم عند ذلك ، فقال الله تعالى : { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك }.
قال الكلبي : (قست ؛ أي يبست وفسدت). وقال أبو عبيد : (حقدت). وقال الواقدي : (جفت فلم تلن). وقيل : اسودت. وقال الزجاج : (تأويل القسوة ذهاب اللين والخشوع والخضوع). وقيل : قست ؛ أي غلظت.
وقوله تعالى : { من بعد ذلك } أي من بعد إحياء الميت : وقيل : من بعد هذه الآيات التي تقدمت من مسخ القردة والخنازير ؛ ورفع الجبل ؛ وخروج الأنهار من الحجر ؛ وغير ذلك. { فهي كالحجارة } ؛ في علظها وشدتها ويبسها ؛ { أو أشد } ؛ يبسا وغلظا. ومعنى { أو أشد } : بل أشد ، كقوله : { كلمح البصر أو هو أقرب }[النحل : 77]. وقيل : (أو) بمعنى الواو ؛ أي وأشد ، { قسوة } ، وقوله تعالى : { بيوتكم أو بيوت ءابآئكم }[النور : 61] ومثل : { لبعولتهن أو آبآئهن أو آبآء بعولتهن }[النور : 31] ، وقوله تعالى : { ءاثما أو كفورا }[الإنسان : 24]. وقرأ أبو حيوة : (أو أشد قساوة).
ثم عذر الله الحجارة وفضلها على القلب القاسي ، فأخبر أن منها ما يكون فيه رطوبة ؛ وأن منها لما يتردى من أعلى الجبل إلى أسفله مخافة الله عز وجل فقال تعالى : { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار } ، وقرأ مالك بن دينار : (نتفجر) بالنون كقوله{ فانفجرت }[البقرة : 60]. وفي مصحف أبي (منها الأنهار) رد الكناية إلى الحجارة. { وإن منها لما يشقق فيخرج منه المآء } ، قرأ الأعمش : (يتشقق).
وقوله تعالى : { وإن منها لما يهبط من خشية الله } ؛ أي ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله من خشية الله ؛ وقلوبكم يا معشر اليهود لا تلين ولا تخشع ولا تأتي بخير. قيل : لا يهبط من الجبال حجر بغير سبب ظاهر إلا وهو مجعول فيه التمييز. قوله تعالى : { وما الله بغافل عما تعملون } ؛ وعيد وتهديد ؛ أي ما الله بتارك عقوبة ما تعملون ؛ بل يجازيكم به.
صفحه ۷۴