296

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

ژانرها

تفسیر

[39]

قوله عز وجل : { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى } ؛ قرأ الأعمش وحمزة والكسائي وخلف وقتادة : (فناداه) ، وقرأ الباقون : (فنادته) ، وإذا تقدم الفعل فأنت فيه بالخيار ؛ إن شئت أنثت ؛ وإن شئت ذكرت.

ومعنى الآية : فناداه جبريل عليه السلام وهو قائم يصلي في المسجد بأن الله يبشرك بولد اسمه يحيى. والمراد بالملائكة هنا جبريل وحده ؛ ونظيره قوله تعالى : { وإذ قالت الملائكة يامريم }[آل عمران : 42] يعني جبريل وحده ، وقوله : { ينزل الملائكة بالروح }[النحل : 2] يعني جبريل وحده ، { بالروح } أي بالوحي ، يدل عليه قراءة ابن مسعود : (فناداه جبريل وهو قائم يصلي في المحراب).

وقوله تعالى : { أن الله يبشرك } قرأ ابن عامر والأعمش وحمزة : (إن الله) بكسر الألف على إضمار القول ؛ تقديره : فنادته الملائكة فقالت : إن الله ، لأن النداء قول ، وقرأ الباقون بالفتح بوقوع النداء عليه كأنه قال : فنادته الملائكة بأن الله. قوله تعالى : { يبشرك } قرأ حمزة والكسائي (يبشرك) بفتح الياء وجزم الباء وضم الشين ، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الباء وتشديد الشين وكسرها.

قوله تعالى : { مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا } ؛ انتصب على الحال في قوله : { بكلمة من الله } يعني عيسى عليه السلام ؛ أن يحيى مصدقا بعيسى ، وكان يحيى أول من صدق بعيسى وشهد أنه كلمة الله وروحه ، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين ، وقيل : بستة أشهر.

واختلفوا في تسمية يحيى بهذا الاسم ؛ فقال ابن عباس : (لأن الله تعالى حيى به عقر أمه). وقال قتادة : (لأن الله أحيا قلبه بالإيمان). وقيل : بالنبوة.

وقيل : إن الله تعالى أحيى قلبه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهم بمعصية. قال صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يلقى الله عز وجل إلا وقد هم بخطية أو عملها إلا يحيى بن زكريا فإنه لم يهم بها ولم يعملها " وقال بعضهم : سمي بذلك لأنه استشهد ، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. قال صلى الله عليه وسلم : " من هوان الدنيا على الله عز وجل أن عيسى قتلته امرأة ، وقتل يحيى قبل رفع عيسى عليه السلام "

قوله تعالى : { بكلمة من الله } إنما سمي عيسى كلمة ؛ لأن الله تعالى قال له كن من غير أب فكان ، فوقع عليه اسم الكلمة. قوله تعالى : { وسيدا } السيد في اللغة وفي الحقيقة : من تلزم طاعته ويجب على الناس الاقتداء والقفا به في العلم والحلم والعبادة. وقال الضحاك : (السيد : الحسن الخلق). وقال ابن جبير : (السيد : الذي يطيع ربه عز وجل). وقال ابن المسيب : (السيد : الفقيه العالم). وقال سفيان : (هو الذي لا يحسد) ، وقال عكرمة : (هو الذي لا يغضب) ، وقال ذو النون : (الحسود لا يسود) ، وقال الخليل : (سيدا أي مطاعا) ، وقيل : السيد : القانع بما قسم الله ، وقيل : هو الراضي بقضاء الله ، وقيل : المتوكل على الله.

صفحه ۲۹۶