تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
ژانرها
[163]
قوله عز وجل : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } ؛ قال الكلبي : (نزلت هذه الآية في كفار مكة ، قالوا : يا محمد صف لنا وانسب لنا ربك ، فأنزل الله سورة الإخلاص وهذه الآية). وقال الضحاك : عن ابن عباس : (كان للمشركين في الكعبة ثلاثمائة وستون صنما يعبدونهم من دون الله إفكا وإثما ، فدعاهم الله إلى توحيده والإخلاص في عبادته ، فقال : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم }. ويقال : نزلت هذه الآية في صنف من المجوس ؛ ويقال لهم : الملكانية ؛ يقولون : هما اثنان : خالق الخير ، وخالق الشر.
ومعنى الآية : أن الذي يستحق أن تأله قلوبكم إليه في المنافع والمضار وفي جميع حوائجكم وفي التعظيم له إله واحد لا يستحق الإلهية أحد غيره. فلما نزلت هذه الآية عجب المشركون وقالوا : إن محمدا يقول : إن إلهكم إله واحد ، فليأتنا بآية إن كان من الصادقين. فأنزل الله تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس } ؛ أي في تعاقب الليل والنهار ؛ وفي الذهاب والمجيء.
والاختلاف مأخوذ من خلف يخلف بمعنى أن كل واحد منها يخلف صاحبه وإذا ذهب أحدهما جاء الآخر خلافه ؛ أي بعده. نظيره قوله تعالى : { وهو الذي جعل اليل والنهار خلفة }[الفرقان : 62]. وقال عطاء : (أراد اختلاف الليل والنهار في اللون والطول والقصر والنور والظلمة والزيادة والنقصان). والليل : جمع ليلة مثل نخلة ونخل ؛ والليالي جمع الجمع. والنهار واحد وجمعه نهر. وقدم الليل على النهار ؛ لأنه هو الأصل والأقدم. قال الله تعالى : { وآية لهم اليل نسلخ منه النهار }[يس : 37].
قوله تعالى : { والفلك التي تجري في البحر } يعني السفن ، واحده وجمعه سواء ، قال الله تعالى في واحده : { وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون }[يس : 41] وقال في جمعه : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم }[يونس : 22]. ويذكر ويؤنث قال الله تعالى في التذكير : { الفلك المشحون }[يس : 41] وقال في التأنيث : { والفلك التي تجري في البحر }. قوله تعالى : { بما ينفع الناس } يعني ركوبها والحمل عليها في التجارات والمكاسب وأنواع المطالب.
قوله تعالى : { ومآ أنزل الله من السمآء من مآء } ؛ يعني المطر ، { فأحيا به الأرض بعد موتها } ؛ أي بعد يبسها وجذوبتها ، { وبث فيها من كل دآبة } ؛ أي نشر وفرق من كل دابة من أجناس مختلفة ، منهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ، ومنهم من يمشي على أربع ، { وتصريف الرياح } ؛ أي تقليبها دبورا وشمالا وجنوبا وصبا. وقيل : تصريفها مرة بالرحمة ومرة بالعذاب.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف : (وتصريف الريح) بغير ألف على الواحد. وقرأ الباقون : (الرياح) على الجمع. قال ابن عباس : (الرياح للرحمة ؛ والريح للعذاب) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا هاجت الريح يقول :
صفحه ۱۵۳