سنّة، وذلك يوجب العمل، كسائر أخبار الآحاد.
والثاني: في ذكر معنى حديث عمر، وهشام، قال ابن عطيّة: أباح الله تعالى لنبيّه ﷺ هذه الحروف السبعة، وعارضه بها جبريل ﵇ في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز، وجودة الرّصف، ولم تقع الإباحة في قوله ﷺ: «فاقرءوا ما تيسّر منه»، بأن يكون كلّ واحد من الصحابة، إذا أراد أن يبدّل اللّفظة من بعض هذه اللّغات .. جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن، وكان معرّضا أن يبدّل هذا وهذا، حتّى يكون غير الّذي نزل من عند الله تعالى؛ وإنّما وقعت الإباحة في الحروف السبعة، للنبي ﷺ؛ ليوسّع بها على أمّته، فأقرأ مرّة لأبّيّ بما عارضه به جبريل، ومرّة لابن مسعود بما عارضه به أيضا.
وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان، وقراءة هشام بن حكيم لها، وإلّا فكيف يستقيم أن يقول النبيّ ﷺ في كلّ قراءة منهما، وقد اختلفتا: «هكذا أقرأني جبريل. هل ذلك إلّا أنّه أقرىء مرّة بهذه، ومرّة بهذه، وعلى هذا يحمل قول أنس حين قرأ: (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وأصوب قيلا) فقيل له: إنّما يقرأ: (وَأَقْوَمُ قِيلًا)، فقال أنس: (وأصوب قيلا) (وَأَقْوَمُ قِيلًا)، وأهيأ، واحد؛ فإنّما معنى هذا أنّها مرويّة عن النبي ﷺ، وإلّا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه؛ لبطل معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ﴾.
روى البخاريّ، ومسلم، وغيرهما، عن عمر بن الخطاب