وما يضر مرتبة، وهي ما لا نفع فيه ولا ضرر، فالزاهد يتركه، يترك من أمر الدنيا ما ليس فيه نفع ولا ضرر، والورع أن لا يترك إلا الحرام، إذًا: طبقة التاركين للمكروه أعلى من طبقة التاركين للحرام؛ لأن ترك الحرام من باب الورع، وترك المكروه من باب الزهد.
٢٢ - إثبات اسمين من أسماء الله وهما: العليم والحكيم، لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.
٢٣ - من الفوائد اللغوية: أن: ﴿كَانَ﴾ قد تسلب دلالتها على الزمان؛ لأنها لو دلت على الزمان في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، لكان الرب ﷿ الآن ليس عليمًا ولا حكيمًا، لكنها أحيانًا تسلب دلالتها على الزمان، ويكون مدلولها مجرد الحدث، أو مجرد الوصف إذا كان صفة، ولهذا قال بعض السلف ولعله ابن عباس ﵄: "إن الله كان غفورًا رحيمًا ولم يزل غفورًا رحيمًا"، خوفًا من هذا الوهم، وهو أن ﴿كَانَ﴾ للماضي فقط، ولهذا لو سئلت عن رجل: هل كان غنيًا؟ فتقول: كان غنيًا، والمعنى: وأما الآن ففقير، وإذا سئلت عن طالب: هل هو مجتهد؟ فتقول: كان مجتهدًا، والآن ليس مجتهدًا.
إذًا: ﴿كَانَ﴾ في الأصل تدل على زمن مضى، لكنها أحيانًا تسلب دلالتها على الزمان، فتكون لمجرد الوصف بخبرها.
٢٤ - أنها تستلزم التسليم التام لقضاء الله الكوني والشرعي، ووجهه: إذا آمنت بأن الله عليم حكيم فسأطمئن، وأعلم أنه ما قضى قضاءً شرعيًا إلا والحكمة تقتضيه، ولا قضى قضاءً كونيًا إلا والحكمة تقتضيه، فيسلم الإنسان لربه ﷿ تسليمًا تامًا،