112

Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

تفسير العثيمين: النساء

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

قال الله ﷿: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٥٩] ولم يقل: ثم رسوله؛ لأن هذا الإيتاء إيتاء شرعي، إيتاء للزكاة والأموال الشرعية، أما الأمور الكونية فلأنها من خصائص الربوبية، فلا بد أن يكون فعل العبد بعد فعل الله، فقول: "ما شاء الله وشئت" لا يجوز؛ لأنه جعلت مشيئة الرسول ﷺ كمشيئة الله، وليس كذلك، لكن طاعة الرسول ﷺ كطاعة الله، قال الله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠] فجعل الله طاعة الرسول طاعة له. وأما حديث علي بن حاتم في صحيح الإمام مسلم قال: أن رجلًا خطب عند النبي ﷺ، فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله ﷺ: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" (^١)، فأحسن ما قيل في الجواب عن ذلك: أن الرسول ﷺ أثنى عليه شرًا، لكون المقام لا يقتضي هذا، فالمقام يقتضي أن يفصل ويبسط؛ لأنه ربما تخاطب قومًا بمثل هذا الخطاب فيظن أنه لا يكون غي إلا إذا كان الأمر من الله ورسوله، فلكل مقام مقال، فالرسول ﵊ إنما أثنى عليه شرًا؛ لكونه لم يستعمل في الخطبة السياق المناسب، لا لأن هذا ممنوع؛ لأن الرسول ﵊ نفسه قال مثل هذا. وما ذكره بعض العلماء حيث قال: إنما أنكر عليه لأنه قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما" وسكت، ثم قال:

(^١) رواه مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، حديث رقم (٨٧٠).

1 / 116