تفکر، فریضهی اسلامی
التفكير فريضة إسلامية
ژانرها
والإسلام لم يتجنب مسائل الاجتماع؛ لأن اجتنابها ليس من طبيعة الدين، ولكنه عني بهذه المسائل كما ينبغي أن تدركها عقيدة الإنسان في الجماعة البشرية، ووكل إلى عقيدته أن توفق بينها وبين الصلاح الاجتماعي كما يقتضيه زمانه، وتستوحيه الجماعة كلها من ضروراتها، ومن قواعد دينها. ولا فارق في النهاية بين المصلحة كما تهتدي إليها الجماعة، والمصلحة كما يوجبها الدين ...
والمذاهب الاجتماعية شيء واقع معروف المبادئ والغايات في العصر الحاضر، فعلاقة الإسلام بها كذلك شيء واقعي لا حاجة به إلى الخوض في النظريات والفروض الذهنية؛ لأن مواضع الوئام أو النزاع بين جميع هذه المذاهب وبين نصوص الدين الإسلامي مسطورة معلومة لمن يريدها، وقد كشفت عنها تجارب العمل كما كشفت عنها بحوث الباحثين ...
هذه المذاهب الاجتماعية ومعها المذاهب الفكرية كثيرة تتفرع على أصولها الكبرى، ولكننا إذا عددنا منها هذه الأصول أغنانا البحث فيها عن البحث في فروعها، وبخاصة حين يدور البحث على القواعد الكبرى في الإسلام، والقواعد الكبرى في أمهات مذاهب الاجتماع والفكر في هذه الآونة ...
إن أصول المذاهب الاجتماعية قد تتلاقى في هذه الآونة إلى أصول ثلاثة تحيط بها في جملة مناحيها؛ وهي: الديمقراطية، والاشتراكية، والعالمية ...
أما مذاهب الفكر فأكثرها ذكرا في العصر الحاضر مذهب التطور، ومذهب الوجودية أو مذاهبها المتعددة بمقاصدها وإن اتحدت بعنوانها ...
فما الذي يمنع المسلم أن يعمل للديمقراطية، أو يعمل للاشتراكية، أو يعمل للوحدة العالمية؟
وما الذي يمنع المسلم من أحكام دينه أن يقبل مذهب التطور، أو يقبل الوجودية في صورتها المثلى؟
إن المسلم أحق بالديمقراطية من أتباعها المحدثين والأقدمين؛ لأنه - منذ أربعة عشر قرنا - يدين بمبادئ الديمقراطية الأولى التي لا يصدق اسم الديمقراطية على نظام من النظم بغيرها، وهي: التبعة الفردية، والحكم بالشورى، والمساواة بين الحقوق، والمحاسبة بالقانون ...
كل امرئ بما كسب رهين [سورة الطور: 21].
وأمرهم شورى بينهم [سورة الشورى: 38].
صفحه نامشخص