بعقوبة الاصرار، وعلى الخطأ بعقوبة العمد ... ومن خرج من باب الاوزان وخالف جميع التعديل كان بغاية العقاب احق، وبه اولى» . وينصح الوزير بالنظر في سبب الذنب قبل انزال العقوبة.
ويحذر الجاحظ ابن الزيات من الانسياق وراء هواه والانقياد للغيظ والغضب، لان الغيظ نار تحرق اهلها، وسلطان غشوم. ولأن «الغضب يصور لصاحبه مثل ما يصور السكر لاهله ... والغضبان يشغله الغضب ويغلي به الغيظ، وتستفرغه الحركة، ويمتلىء بدنه رعدة، وتتزايل اخلاطه، وتنحل عقده، ولا يعتريه من الخواطر الا ما يزيده في دائه، ولا يسمع من جليسه الا ما يكون مادة لفسادة..» .
كما يطلب منه ان يميز بين الاخيار والاشرار والمحبين والمبغضين في التعادي. فلا ينبغي ان يعادي عقلاء الرواة ومن عرفوا بالصدق، ولا يعاقب وادا ولا يضجر من صاحب مهما بدا منه. واذا تحقق ان مبعث الذنب البغض او الميل الى الشر فيجب ان يشتد في العقاب والتعذيب دون رحمة او تردد.
ولا يوجد سبب كاف يوجب التعادي بين الجاحظ وابن الزيات.
فهما ابنا نحلة واحدة، وتجمعهما مودة قديمة. ان اسباب التعادي بنظر الجاحظ هي «تنافس الجيران والقرابات، وتحاسد الاشكال في الصناعات ... والتشاحن على المواريث، والتنازع في تخوم الارضين» . وهذه الاسباب جميعا غير متوافرة في أبي عثمان والوزير. فابن الزيات من عائلة مختلفة عن عائلة الجاحظ، وابن الزيات وزير والجاحظ سوقة، ولا مشاكلة بينهما الا في إيثار الدقيق الخشن على الدقيق الابيض والباقلاء على الحلوى.
واذا كان الجاحظ صديق ابن الزيات بالأمس فينبغي ان يدرك أن ما يصيب الانسان ينسحب على صديقه لأنه «اذا اعتل خليلك فقد اعتل
1 / 64