والمسألة الثانية
: التي تكلم عليها الجاحظ في المقدمة هي أصل علم الموسيقى العربي. لقد اعتبر الجاحظ الخليل بن احمد الفراهيدي مؤسس هذا العلم. وقبل الخليل لم يعرف العرب علل هذا العلم وتصاريفه، وكانت معرفتهم به مبنية على ما يسمعونه من الفارسية والهندية، فلما جاء الخليل درس الشعر ووزنه ووضع كتاب العروض. ثم «اخذ في تفسير النغم واللحون، فاستدرك منه شيئا، ورسم له رسما احتذى عليه من خلفه، واستتمه من عني به» .
ثم جاء بعد الخليل ابراهيم الموصلي فاقتفى أثره وطور علم الموسيقى ووضع له الآلات الجديدة. وكان حاذقا بالضرب والايقاع والف في هذا العلم كتبا كثيرة.
والمسألة الثالثة
: هي شرح طريقة تأليف الكتاب او الرسالة. لقد قسم المغنين الى طبقات، وترجم لهم، وحمله على ذلك «الكلف والمودة لهم، والسرور بتخليد فخرهم، وتشييد ذكرهم، والحرص على تقويم اود ذي الأود منهم، حتى يلحق باهل الكمال في صناعته، والعقل في معرفته، على تمييز طبقة على طبقة منهم، وتسمية أهل كل طبقة باوصافهم، وآلاتهم وادواتهم، والمذاهب التي نسبوا اليها انفسهم واحتملها اخوانهم عليها، وخلطنا جدا بهزل، ومزجنا تقريعا بتعريض..» .
ثم ان الجاحظ ترك فرجا في كل طبقة لتملأ بترجمة من سها عنهم في المستقبل، وهو يحذر من محاولات البعض القيام بهذا العمل أي ملء الفرج المتروكة، دون علم. واحباطا للتشويه والنحل اودع عددا من النسخ خزائن بعض الثقات في الغناء ليحفظوها ويرجع اليها عند حدوث تغيير او اضافات.
في الكتاب.
1 / 32