تدريب الراوي
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي
پژوهشگر
أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي
ناشر
دار طيبة
ژانرها
علوم حدیث
بَعْدَ مَعْرِفَةِ شُيُوخِهِ إِلَى شُيُوخِ شُيُوخِهِ، وَمَا فَوْقُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ شُيُوخُهُمُ التَّابِعِينَ أَوْ أَتْبَاعَ التَّابِعِينَ، وَشُيُوخُ شُيُوخِهِمُ الصَّحَابَةَ أَوِ التَّابِعِينَ، فَكَانَ الْأَمْرُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَسْهَلَ بِاعْتِبَارِ تَأَخُّرِ الزَّمَانِ، فَإِنِ اكْتَفَى بِكَوْنِ الْحَافِظِ يَعْرِفُ شُيُوخَهُ وَشُيُوخَ شُيُوخِهِ، أَوْ طَبَقَةً أُخْرَى، فَهُوَ سَهْلٌ لِمَنْ جَعَلَ فَنَّهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ حِفْظِ الْمُتُونِ وَالْأَسَانِيدِ، وَمَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ كُلِّهَا، وَمَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِنَ السَّقِيمِ، وَالْمَعْمُولِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى فَرَاغٍ وَطُولِ عُمُرٍ، وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُولَدُ الْحَافِظُ إِلَّا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
فَإِنْ صَحَّ كَانَ الْمُرَادُ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي زَمَانِهِ مَنْ يُوصَفُ بِالْحِفْظِ. وَكَمْ مِنْ حَافِظٍ غَيْرُهُ أَحْفَظُ مِنْهُ. انْتَهَى.
وَمِنْ أَلْفَاظِ النَّاسِ فِي مَعْنَى الْحِفْظِ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: الْحِفْظُ: الْإِتْقَانُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الْإِتْقَانُ أَكْثَرُ مِنْ حِفْظِ السَّرْدِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحِفْظُ: الْمَعْرِفَةُ.
1 / 39