CHECK [تذكرة الراشد1]

بسم الله الرحمن الرحيم

يا رب لك الحمد حمدا متواليا ، ولك الشكر شكرا متتاليا ، على أن أسبلت علي نعما متكاثرة، وأسبغت علي مننا متظافرة، أدبتني من صباي ، ونجيتني من عملي، وعلمتني ما لم أكن أعلم به، وفهمتني ما لم أكن أفهم، وجعلتني من ورثة الأنبياء، وحملة الشريعة البيضاء، سبحانك رب ما أعظم شأنك، وأرفع مكانك.

أشهد أنك لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك في ملكك وملكك، هو الرفيع فلا الأبصار تدركه، سبحانه من مليك نافذ القدر، سبحان من هو أنسي إذ خلوت به في جوف ليلي، وفي الظلمات والسحر.

أنت الحبيب، وأنت الحب يا أملي، من لي سواك، ومن أرجوه يا ذخري، بأي لسان أحمدك، وبأي جنان أشكرك، على أن جعلتني من العلماء المميزين، والفضلاء المعززين، وشهرت تصانيفي في العالمين، ووقرت تآليفي عند العالمين، ونصبتني في مقام إحقاق الحق الصراح(1)، والصدق القراح(2)، وأقمتني في مقام إبطال الباطل الواهي(3)، وإضلال العاطل الساهي، ووفقتني(4)لإزاحة الخطأ، وإظهار الصواب، ووفقتني(5) على ما هو القشر وما هو اللباب، وحفظتني من جمع اليابس والرطب، كجمع حمالة(6) الحطب، وحرزتني من تواتر الزلات، وتكاثر الخطيئات، وأمسكت لساني عن الطغيان، وكففت جناني عن العدوان، وما عودتني بالتكلم بكلمات أصحاب الرذالة، وما أضللتني بالترنم بخرافات أرباب الجهالة.

صفحه ۶

فبك يا رب أجول(1)، وبك أحول(2)، وبك أصول(3)، وبك أقول، وبك أستنصر(4)، وبك أستظهر(5)، وبك أستظفر(6)، وبك أستعذر(7)، إياك نعبد وإياك نستعين في كل الأمور، في كل مساء وكل بكور(8).

سبحان من ذكره عز لذاكره، وإن تحفل في الأقوال واجتهدا، لم يتخذ سكنا في قدم عزته، ولم يلده أب حقا لا ولدا، ولا استعان بشيء في حقيقته، ولم يزل بعظيم العز منفردا، سبحانه وتعالى في جلالته، هو المهيمن لا أشرك به أحدا.

اللهم لك الحمد حمدا لا يدخل تحت العد على أن أعطيتني نصيبا من المهارة في الفنون العقلية والنقلية، وأتيتني حظا من العلوم الحكمية والشرعية، ورزقتني حفظا في علوم التاريخ والأخبار، ووهبتني علما في علوم الفقه والآثار مع بضاعة من التنقيح والترجيح، وحصة من التحقيق والتدقيق.

صفحه ۷

وألهمتني نشر العلوم المنيفة، والفنون الشريفة تدريسا، وتأليفا، وتذكيرا، وتعليما مع التفحص الفائق، والتخلص اللائق، من دون اتباع الهوى، فمن اتبعه واتخذه إلها(1) فقد غوى، وما أضللتني مع علم، وما أسمعتني وأبصرتني مع ختم، وما جعلت على بصري غشاوة، ولا في قلبي قساوة، كل ذلك مع الخشوع والخضوع وحفظ الأركان وحرز اللسان.

اللهم إنك تعلم أني لا أذكره إلا تحدثا(2)بالنعمة، وشكرا، لا تخلقا بخلق طالب الشهرة، وفخرا، وأي فخر لمن لا يدري ما يمضي عليه في الحشر والقبر.

صفحه ۸

وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبدك، ورسولك، وصفيك،وحبيبك، شفيع الخلائق إذا يئسوا، وخطيب الخلائق إذا سكتوا، الفائز بالسعادة الأزلية الأبدية، والسيادة الدهرية السرمدية، هو الذي رفع قصور(1) الهدى في أوان قصوره، وقلع صخور(2) العمى في زمان نشوره(3)، به طلع نجم الهداية بعد أفوله(4)، ولمع بدر العناية بعد ذبوله، مهد قوانين الشريعة وسدد أساطين(5) الطريقة، أوضح سبل الطريق الأمم(6)، وأفصح عن طرق السبيل الأتم، لقد نجى من أخذ بحظ من وراثته، وطغى من نبذ(7) حظه من تركته.

ما إن مدحت محمدا بمقالتي

لكن مدحت مقالتي بمحمد

اللهم فاجزه عنا خير الجزاء، وأبلغه إلى مدارج الانتهاء، أفضل ما جازيت به نبيا عن حزبه، ورسولا عن قومه.

وصل اللهم صلاة دائمة بدوام السماوات والأرض، قائمة بقيام الجواهر والعرض عليه، وعلى أهل بيته الذين نزلت فيهم آية التطهير، وأصحابه الذين شبهوا بالنجوم في الهداية(8) والتذكير، وعلى جميع أتباعه وأحزابه إلى يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة.

وبعد:

صفحه ۹

فيقول الراجي عفو ربه القوي الداعي، حفظه من شر كل غوى، الذي لا حرفة له إلا اكتساب السيئات، ولا صنعة له إلا ارتكاب الخطيئات، المكنى بأبي الحسنات، والمدعو بعبد الحي اللكنوي، تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي، ابن الفاضل الجليل، الكامل النبيل، البحر الزاخر، السحاب الماطر، الغيث الدرار، ليث كتائب الأخيار، أستاذ أساتذة الدهر، عماد جهابذة العصر، صاحب التصانيف الكافية، والتآليف(1) الشافية، مولانا الحاج الحافظ محمد عبد الحليم أدخله الله دار النعيم.

هلموا يا أهل النهى(2)؛ وتعالوا يا أهل الحجى؛ أقص لكم أعجب القصص، وأنص(3) بأغرب القصص(4):

صفحه ۱۰