سهامُ نواظرٍ تُصمي الرَّمايا ... وهنَّ من الحواجبِ في حنايا
ومن عجبٍ سهامٌ لم تفارقْ ... حناياها وقد جرحتْ حشايا
نهيتكَ أن تناضلها فإني ... رميتُ فلم يصبْ سهمي سوايا
ومثله لابن هاني المغربي:
رميتُ بسهمٍ لم يصبْ وأصابني ... فألقيتُ قوسي عن يديَّ وأسهمي
وقال محيي الدين بن زيلاق:
رمت رشقًا فأثبتت الرمايا ... جفونٌ حاجباه لها حنايا
ومثل قوله:
نهيتك أن تناضلها
أبيات الحماسة:
رمتني وستر الله بيني وبينها ... ونحن بأكناف الحجاز رميمُ
فلو أنها لما رمتني رميتها ... ولكنَّ عهدي بالنضال قديمُ
وعمل الشيخ العلامة شمس الدين أحمد بن الخباز النحوي الموصلي، شيخ زمانه وواحد عصره، كان آية في الذكاء والحفظ رأيته، ﵀، توفي فيما يتغلب عندي في سنة إحدى وأربعين وستمائة:
سطا بحسام طرف مشرفيّ ... وأردفه بسحر بابليّ
ولو لم يقض عاشقه تثنى ... على رمح القوام السمهريّ
وليس لمن يهيم به معينٌ ... عليه ومن يعينُ على عليّ
غزالٌ زارني فأزالَ همًّا ... خيالٌ منه كالنبض الخفيّ
تبسم ضاحكًا فرأيتُ درًّا ... يضيءُ كلمع برق في حَبيّ
الحبيّ: السحاب الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء.
قويٌ لا يلمُّ على ضعيفٍ ... فويلٌ للضعيف من القويّ
أمير الحسن أنت بلا خلاف ... وزين الحسن بالوعد الوفيّ
وصل مضنىً يبيت حليف شوقٍ ... به ظمأٌ إلى العذب الشهيّ
سللتَ على الأسير سيوف لحظٍ ... فتكتَ بها ولا سيفَ الوصيّ
ولو أنَّ العزيز رآه يومًا ... لدانَ له بوجه يوسفيّ
هذه الأبيات وإن لم تدخل في حيز الاختيار فإن قائلها، ﵀، من الأئمة الكبار والنحاة الذين مثلهم سيار.
وقال ابن الحلاوي في الوزن والرويّ:
بوردِ خدودكَ النَّضرِ الجنيِّ ... ومسكِ عذاركَ العطرِ الذكيّ
وحسنِ قوامكَ الحلو الثنيِّ ... وقد أربى على ذاتِ الحليِّ
صلِ الصبَّ المعنّى فهو ظامٍ ... إلى تقبيلِ مبسمكَ الشهيِّ
أيا قمرًا غدا في فيه ريّ ... أيجملُ أن أعودَ بغيرِ رِيِّ
حكيتَ السمهريَّ فبتُّ أهوى ... لأجلِ هواكَ قدَّ السمهريِّ
وأشبهتَ الظباءَ فصارَ قلبي ... يميلُ إلى الغزالِ الحاجريِّ
وأبليتُ التصبر فيك لما ... بليتُ بسحرِ طرفٍ بابليِّ
ومن كلفي بثغرك صرتُ أروى ... لمى وبياضَ مبسمكَ النقيِّ
ويطربني وأعشقُ كلَّ شعرٍ ... يقولُ الناسُ في هذا الرويِّ
أغضُّ الطرف دونك من حياءٍ ... لبهجةِ ذلكَ الوجهِ الحييِّ
وأنا أذكر شيئًا من شعر ابن الحلاوي وما يؤدي الخاطر إليه من أشعار تعترض.
وأعود إلى شعر ابن غزي. قال ابن الأردخل الموصليّ:
سل وجهه البدري عدل كماله ... في مقلتي العبرى وقلبي الوالهِ
أوفاق عني قوس حاجبه فلي ... كبد أمام النزع من نبالهِ
ألمى رشيق القدّ أرجو الري من ... معسوله وأخاف من عسّالهِ
أعديتُ شجوًا ربعه فالبان في ... سكراته والورقُ في أغلالهِ
وحملت مثل الرّدف عنه غيرةً ... لما رأيت الخصرَ حلف هُزالهِ
قم فاستعر لي من حليّ رقدةً ... فهي الوسيلة عند طيف خيالهِ
وإذا رقدت فليس إلاّ فكرتي ... لا الحلم جاد به ولا بمثالهِ
يا ملبس التفتير رايةَ لحظه ... ودليل قطع السيف لمع ذُبالهِ
عطفًا على دنفٍ دعوت همومه ... فأقمتها وقعدتَ عن آمالهِ
قلقُ المضاجع لو لقيت أقل ما ... يلقى لما استحسنت سيئ حالهِ
أحسن من البيت الثالث قول ابن الساعاتي:
عذُبت مراشفه وصال بقدّه ... فحمى جنى المعسولِ بالعسال
ولمحيي الدين بن زيلاق:
يحمي عن العشاق مورد ريقه ال ... معسول أسمر قدّه العسالِ
وقال ابن الأردخل:
بلّغ رجال الحيّ من سَلم ... أيراق ما بين البيوت دمي
حاولت زورتكم فحل لكم ... قتليَ في حتفي سعى قدمي
والبيت الذي ذكر فيه غيرته من نحول الخصر فيه نظر إلى قول ابن الخياط:
1 / 32