من غلمةِ التركِ الذي بجمالهم ... وببأسهم نارُ الوغى تتضرَّمُ
من كلِّ ريانِ المعاطف خصرهُ ... كمحبهِ من ردْفه يتظلّمُ
سيانِ سلْمهمُ وحربهمُ فما ... ينفكُّ يقطر من أكفّهمُ الدَّمُ
تركٌ إذا لبسوا الترائكَ أيقنتْ ... صمّ العوالي أنها ستحطمُ
فهمُ إذا حسروا ظباءُ خميلةٍ ... وهمُ أسودُ وغىً إذا ما استلأموا
في ثني بردتهِ قضيبُ نقىً وفي ... الدرع المفاضةِ منه طودٌ أيهمُ
بشرٌ أرقُّ من الزلالِ وتحتهُ ... كالصخر قلبٌ لا يرقُّ فيرحمُ
يصمي الخليَّ بطرفهِ وبكفهِ ... يصمي الكميَّ فجؤْذرٌ أم ضيغمُ
هو تارةً للحسن في أترابهِ ... علمٌ وطورًا في الكتيبةِ معلمُ
لحظٌ على نهبِ القلوبِ مسلطٌ ... وغرارُ نصلٍ في الرقابِ محكمُ
ركبوا الدياجيَ فالسروجُ أهلّةٌ ... وهمُ بدورٌ والأسنةُ أنجمُ
مثل هذا البيت للمغاربة:
سرجه والحصان الأشقر والسي ... فُ المحلَّى وحسنُ ذاك المحيا
كهلالِ من فوقِ برقٍ عليه ... بدرُ تمٍّ مقلدٌ بالثريا
وقال أيضًا:
فهو تحتَ السلاحِ ليثُ عرينٍ ... وهو فوقَ الفراشِ ظبيُ كناسِ
وقال من أخرى:
يجنبها حولهُ من الغلمةِ ال ... ترك بدورٌ أثمانها بدرُ
قد ضمنتْ روعةُ الجمالِ لهم ... والبأس أن لا يفوتهم وطرُ
حصَّ رؤوسًا تريكها ونما ... لهم على طولِ لُبسها الشعرُ
من كلِّ رامٍ عن قوسِ حاجبه ... بمصمياتٍ نصالها الحورُ
مؤنثْ الزيِّ في لواحظهِ ... من غنجِ عينيهِ صارمٌ ذكرُ
يفوقُ بيضَ الحجالِ ما فاتهُ ... منهنَّ إلاّ الحياءُ والخفرُ
جؤذرُ رملٍ في السلم وهو إذا ... ما شبّتِ الحربُ نارها نمرُ
في الدرعِ منه ليثُ العرينِ وفي ال ... بيضةِ من حسن وجههِ قمرُ
جمالهُ والعيونُ تدركهُ ... نهبٌ مباحٌ وثغرهُ ثُغَرُ
يمشونَ خطرًا إلى الكماة مسا ... عيرَ وغىً لا يروعهم خطرُ
غرًّا صباحَ الوجوهِ هانَ على ... نفوسهمْ في مرامها الغررُ
إذا انتضوها مثلَ الرياض ظُبىً ... وادّرعوها كأنها الغدرُ
رأيتَ نارًا في الجوّ مضرمةً ... يلفحُ من بأسهمْ لها شررُ
وقال أيضًا:
وأسود من غلمة التركِ لا تأ ... لف إلاّ غيلَ القنا المشجورِ
يُنحلونَ البدورَ حسنًا وإنْ خا ... ضوا الوغى ناحلوا القنا بالخصورِ
كل ذمرٍ كالظبي يسفر في ال ... كرَّةِ عن ذئبِ ردهةٍ مذعورِ
الذِّمر: الشجاع، والردهة: شبه أكمة كثيرة الحجارة.
من ليوث الشرى إذا دارتِ ال ... حربُ وفي السلم من ظباء القصور
فالعذارُ الطريرُ في خدهِ أفْ ... تكُ من حدِّ سيفه المطرورِ
ومن أخرى أولها، وهي بديعة:
يا علوَ أغريتِ السُّهادَ بناظري ... ورقدتِ عن ليلِ المحبِ الساهرِ
كم قد ركبتُ إليكِ أخطارَ الهوى ... أفما يمرُّ لكِ الوصالُ بخاطرِ
يقول فيها:
وبغلمةٍ مثلِ الشموسِ عوابس ... خلطوا البسالةَ بالجمالِ الباهرِ
فلهم إذا اعتقلوا ينابيبَ القنا ... نظرُ الضراغمِ من عيونِ جآذرِ
غرٍّ إذا صينَ الجمالُ ببرقعٍ ... ستروا جمالَ وجوههمْ بمغافرِ
تاهوا على أقرانهم يومَ الوغى ... برياضِ حسنٍ في الخدودِ نواضرِ
من كل خوّاضِ الغمارِ ملججٍ ... مرنٍ على سفكِ الدماءِ مغامرِ
المرن: المتعوّد، والمغامر: الذي يقتحم المهالك، ويقال: بحرٌ غمرٌ وبحارٌ غمارٌ.
أصمى الكماةَ بمقصدٍ من كفه ... ورمى القلوبَ من اللحاظِ بعائرِ
يقال: رماه فأقصده، أي قتله، والعائر من السهام: الذي لا يعرف من رماه.
إيماضُ مبسمه وضوءُ جبينهِ ... برقان في ليلِ العجاجِ الثائرِ
وقال محيي الدين:
يحملن في الروع أقمارًا إذا وضعوا ... مضاعف السرد آسادًا إذا حملوا
الحديث ذو شجون، وقد يذكر الشيء بشبهه أو بما يقاربه. عدنا إلى ابن الحلاوي، وقال أيضًا:
لو كان يشفي القربُ منكِ غليلا ... ما باتَ جسمي في هواكِ نحيلا
1 / 29