وليس يخص العموم إلا دليل العقل والقرآن أو (١) السنة الثابتة.
فأما القياس والرأي: فإنهما عندنا في الشريعة ساقطان لا يثمران علما، ولا يخصان عاما، ولا يعممان خاصا، ولا يدلان على حقيقة.
ولا يجوز تخصيص العام بخبر الواحد، لأنه لا يوجب علما ولا عملا، وإنما يخصه من الأخبار ما انقطع العذر بصحته عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أحد الأئمة عليهم السلام، وليس يصح في النظر دعوى العموم بذكر الفعل وإنما يصح ذلك في الكلام المبني والصور منه المخصوصة، فمن تعلق بعموم الفعل فقد خالف العقول، وذلك أنه إذا روي أن النبي صلى الله عليه وآله أحرم، لم يجب الحكم بذلك على أنه أحرم بكل نوع من أنواع الحج، من إفراد، وقران، وتمتع، وإنما يصح الاحرام بنوع منها واحد.
وإذا ثبت الخبر عنه عليه وآله السلام أنه قال: لا ينكح المحرم، وجب عموم حظر النكاح على جميع المحرمين مع اختلافهم فيما أحرموا به من إفراد، وقران، وتمتع، أو عمرة مبتولة.
وفحوى الخطاب: هو ما فهم منه [٥ / أ] المعنى وإن لم يكن نصا صريحا فيه بمعقول عادة أهل اللسان في ذلك، كقول الله عز وجل: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/17/23" target="_blank" title="الإسراء: 23">﴿ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما﴾</a> (2) فقد فهم من هذه الجملة ما تضمنه [نصها بصريحه] (3)، وما دل عليه يعرف أهل اللسان من الزجر عن الاستخفاف بالوالدين الزائد على قول القائل لهما (أف) وما تعاظم عن انتهارهما من القول وما أشبه ذلك من الفعل وإن لم يكن النص تضمن ذلك على
صفحه ۳۸