قال المؤلف رحمه الله: وأيهما كان فمثله لا يقال من جهة الرأي فهو مرفوع. وقال العلماء: يستحب لقارئ القرآن إذا ختمه أن يجمع أهله فإنه روى عن أنس بن مالك أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن. وعنه أنه كان إذا أشفى على ختم القرآن بالليل بقي أربع سور أو خمس سور، فإذا أصبح جمع أهله فختمه ودعا، ويستحب لمن علم بالختم أن يحضره. وروي عن قتادة أن رجلا كان يقرأ القرآن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ابن عباس يجعل عليه رقيبا فإذا أراد أن يختم قال لجلسائه: قوموا بنا حتى نحضر الخاتمة. وعن مجاهد كانوا يجتمعون عند ختم القرآن ويقولون: الرحمة تنزل. وعن الحكم بن عيينة قال: كان مجاهد وعنده ابن أبي لبابة وأناس يعرضون القرآن. فإذا أرادوا أن يختموه أرسلوا إلينا وقالوا: إنا نريد أن نختم فأحببنا أن تشهدونا فإنه يقال إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند ختمه، أو حضرت الرحمة عند ختمه. وقال وهيب بن الورد قال لي عطاء: بلغني أن حميد الأعرج يريد أن يختم القرآن، فانظر إذا أراد أن يختم فأخبرني حتى أحضر الختمة. ويستحب أن يختم أول النهار فإن إبراهيم التيمي قال: كانوا يقولون إذا ختم الرجل القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة بقية يومه، وكذلك إذا ختم أول الليل. وقد روى هذا مرفوعا عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح)) وقال مجاهد: من ختم القرآن نهارا وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، ومن ختمه ليلا وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى يصبح. وكانوا يستحبون أن يكون ختم القرآن في أول النهار أو في أول الليل لهذا الحديث، وكانوا يستحبون أن يختموا قبل الليل أو قبل النهار. وقال عبد الله بن المبارك: إذا كان الشتاء فاختم القرآن في أول الليل، وإذا كان الصيف فاختمه في أول النهار. وكان طلحة بن مصرف وحبيب بن أبي ثابت والمسيب بن رافع يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه صياما، وقد تقدم. ويستحب فيه التكبير من أول سورة والضحى لأن القرآن عبادة تنقسم إلى أبعاض معدودة متفرقة فكانت كصيام شهر رمضان، وقد أمر الله الناس إذا أكملوا العدة أن يكبروا الله على ما هداهم. فالقياس على ذلك أن يكبر قارئ القرآن فإنما قلنا يكبر من سورة والضحى لما رواه مجاهد عن ابن عباس عن ابن أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بلغ آخر والضحى كبر بين كل سورتين تكبيرة الله أكبر هكذا إلى أن يختم القرآن. وكان المعنى في ذلك أن الوحي تأخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أياما فقال ناس من المشركين قد ودعه صاحبه وقلاه فنزلت هذه السورة فقال: الله أكبر. قال مجاهد: قرأت على ابن عباس رضي الله عنه فأمرني به وأخبرني عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم . واختلف القراء في وصل السورة بالتكبيرة والسكت بينهما، فروى أن القارئ يسكت إذا فرغ من السورة سكوتا مقطوعا، ثم يكبر ويبسمل ويقرأ. وروي أنه يكبر ويبسمل ويصل التكبير بآخر السورة ولا يسكت بينهما. ولا يجوز الوقوف على التكبير دون أن يصله بالبسملة ثم بأول السورة المؤتنفة.
فصل فإذا فرغ من الختم وسلم اتبع التكبير بالحمد والتصديق
صفحه ۹۰