والمصلحة من الأدلة التي قيل: إنها من الأدلة المختلف فيها، أو الأدلة الموهومة، ولكن الفقهاء كلهم يمارسها ويستدل بها في واقعه العملي.
ولقد لخص تلخيصا جيدًا الإمام الشاطبي في كتابه "الاعتصام" مذاهب الأصوليين فيها، حيث قال: "إن القول بالمصالح المرسلة ليس متفقا عليه، بل قد اختلف فيه أهل الأصول على أربعة أقوال:
١ - فذهب القاضي وطائفة من الأصوليين إلى رده، وأن المعنى لا يعتبر ما لم يستند إلى أصل.
٢ - وذهب مالك إلى اعتبار ذلك، وبنى الأحكام عليه على الإطلاق (١).
٣ - وذهب الشافعي ومعظم الحنفية إلى التمسك بالمعنى الذي لم يستند إلى أصل صحيح، لكن بشرط قربه من معاني الأصول الثابتة. هذا ما حكى الإمام الجويني (٢).
وذهب الغزالي إلى أن المناسب إن وقع في رتبة التحسين والتزيين لم يعتبر حتى يشهد له أصل معين، وإن وقع في رتبة الضروري فميله إلى قبوله، لكن بشرط، قال: ولا يبعد أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد.
واختلف قوله في الرتبة المتوسطة، وهي رتبة الحاجي فرَدَّه في المستصفى (٣)،
_________
(١) هذا ما قرره إمام الحرمين، لكن يأتي في كلام الأبياري شارح البرهان ما يعكر على ذلك.
(٢) البرهان ٢/ ٧٢١ - ٧٢٢.
(٣) (٢/ ٤٨٧ طبعة د. حمزة بن زهير).
المقدمة / 16