الوجود من وضع إلا بسبب مخصص ، وذلك المخصص وهم مؤثر.
يصح أن تختلف التصورات الجزئية إذا كان الغرض واحدا مثل من يقصد بغداد فان المقصود واحد ، ويعرض فى كل منزل تخيل خاص تتبعه حركة إلى المنزل الآخر.
الوضع المطلوب فى الحركة لا وجود له إلا متوهما ، والشيء يجب أن يتحرك إلى شيء موجود بالفعل أو فى وهم مؤثر فيه ، فإنه إن لم يكن الوهم مؤثرا فى تلك الحركة كان سواء وجوده وعدمه. وهذا الوهم إن كان له تأثير فهو الذي نعنى به أنه محرك الكرات ، فيكون الوهم هو الفاعل للحركة وهو الغاية المحركة فإنه ليس يطلب الحركة لذات الحركة بل لأجل ما عقله من المبدأ الأول أى توهمه.
كل وضع فى الفلك يقتضى وضعا ، وسببه توهم تجدد توهم بعد توهم آخر.
المشخصات تنتهى إلى شيء متشخص بذاته وهذا هو الأين والوضع فإنهما متشخصان بذاتهما ، والمخصصات تنتهى إلى متخصص بذاته وذلك الحركة الإرادية ، وكما أن فى الإضافة شيئا مضافا لذاته وهو النسبة الإضافية ، كذلك يجب أن يكون شيء يتشخص بذاته. فالوضع يتشخص بذاته ، والمكان متشخص بذاته ، وكل دورة فلها وضع مخصوص.
الأسباب المشخصة للإنسان مثلا تكاد أن لا تتناهى ولا توجد معا بالفعل فلا بد من أن تدخلها الحركة ، وإلا كانت أسباب بلا نهاية معا والحركة فائتة ولا حقة ، فلا بد هاهنا من مبدأ كونه عنصرا وإلى أن يصير مثلا غدا ثم يصير ميتا ثم يصير كذا ثم كذا إلى أن تتخصص مادته بقبول صورته ، فيتشخص عند ذلك وضعه وأينه. وهذه الأشياء كلها مشخص جزئى يشخص آخر جزئيا لا يتشخص واحد منها بذاته ، وإنما المتشخص منها بذاته هو الوضع والأين الذي ينتهى إليه أخيرا.
ما ذكر من حركة الفلك أنه إنما تحرك هذه الحركات المختلفة لخيرية فيه يقصد بها إلى إيجاد هذه الكائنات محال ، فإنه إن كان يقصد تلك الخيرية تكون تلك الخيرية على التحقيق استكمالا له عن نقصان كان فيه ، ويعود آخر الأمر إليه فى تحليل العلل والأسباب. وإن قيل إنه فعل الأولى به والأجمل فإن معناه إذا حقق أنه استفاد بذلك فائدة فإن الفاعل إذا فعل فعلا (36 ب) على هذه الجهة فإنه يفعل ما لو لم يفعله كان يلحقه بذلك نقيصة وسبة ، فيكون قد انتفى عن النقائص بفعله. وفى ذلك طلب كمال.
الجود هو أن يفيد الجائد غيره كمالا لا لغرض خارج غير الجود.
صفحه ۱۰۶