هى من اللوازم ، لزم السؤال فيقال : لم وجدت ، وبواسطة أى شىء؟ فيقال إنما وجدت لأنها عقلت فيتسلسل الأمر.
هذه الصور المعقولة من لوازم ذاته. وإذا تبع وجودها عقليته لها كانت عقليته لها من لوازم ذاته أيضا ، فتكون وجود العقلية من تعقله لها ، فيكون تعقل بعد تعقل إلى ما لا نهاية.
إن صدر وجودها عنه بعد عقليته لها فيلزم أن تكون موجودة عند عقليته لها. فإن المعقول يجب أن يكون موجودا ، وإذا كانت موجودة يجب أن يتقدم وجودها أيضا عقليته لها فيتسلسل ذلك إلى غير نهاية فيجب إذن أن تكون نفس عقليتها لها نفس وجودها.
إن جعل بواسطة شىء عقليته لها يلزم أن يكون الشىء موجودا وتتقدمه عقليته له ويلزم أن يعود آخر الأمر إلى شىء تكون نفس عقليته له نفس وجوده حتى لا يتسلسل.
الموجودات الصادرة عن الأول ليس انتظامها لأن المقصود فيها هو النظام ، بل إنما لها النظام لأنها مراد الأول وهو نفس النظام.
الأول لا يتكثر لأجل تكثر صفاته ، لأن كل واحد من صفاته إذا حقق تكون الصفة الأخرى بالقياس إليه ، فتكون قدرته حياته وحياته قدرته وتكونان واحدة فهو حي من حيث هو قادر ، وقادر من حيث هو حي ، وكذلك سائر صفاته.
الأفعال الصادرة عن الأوائل لا تصدر عنها لأغراض لها كما تصدر عنا أفعالنا لأغراضنا ، بل تصدر عنها لوجودها ، ولأن وجودها وجود تقتضى أن تكون عنها هذه الموجودات فهذه الموجودات موجودة عن وجودها ، لأنه ذلك الوجود لا لشىء آخر.
فرق بين أن تفيض عن الشىء صورة معقولة ، وبين أن تفيض عنه صورة من شأنها أن تعقل : فإن معنى الأول أنها صدرت وهى معقولة بالفعل فتكون عقليتها مع صدورها أو سبب صدورها ، ومعنى الثاني أنها صدرت وهى بالقوة معقولة وأنها تعقل بعد صورها.
الحد إنما يكون للطبيعة الكلية بالذات ، وأما للطبيعة الشخصية فإنه بالعرض : فإنه لو كان حد الإنسان حدا لزيد بالقصد الأول لم يكن إلا لزيد وكان يبطل مع بطلان زيد ، ولم يكن يقع على غيره. وكذلك العلم الكلى يتناول الجزئيات بالعرض إلا أن تكون شخصية نوعه مجموعة فى شخصه ، فإن الحد له وحده. فإن علمك بأنه كلما كانت الشمس فى مقابلة القمر وكانت الأرض بينهما ولم يكن للقمر عرض واتفق ليل
تعليقات ابن سينا 49
صفحه ۴۹