لوجود سائر الموجودات. ولا شىء من جنس وجوده. وهو المعنى المشار إليه خارجا عن وجوده لغيره ، فهو غير مشارك فى وجوده الذي يخصه. فوجوده وكمال وجوده هما معنى واحد. فكمال وجوده هو أنه غير مشارك فى وجوده ، وهو أن كل شىء له فإنما هو له من ذاته ، لا من غيره ، وأن صفاته التي يوصف بها هى له على وجه أعلى وأشرف من المفهوم من تلك الصفات. فالحياة له على وجه أعلى وأشرف من مفهوم معنى الحياة؛ وكذلك العلم : فإنه له على وجه أعلى وأشرف من المفهوم من معنى العلم. فإن العلم هنا عرضى ، وهو له من صفات ذاته ، بل هو ذاته ، فلذلك يوصف بأنه العالم.
الفاعل قد يكون بالقوة فاعلا ، ثم يصير بالفعل فاعلا ، ككاتب لم يكتب ثم صار يكتب ، وكان خروجه إلى الفعل بسبب. فلو كان الفاعل الأول فاعلا على هذه الصورة لم يكن لذاته فاعلا ، وكان خروجه إلى الفعل بسبب ، فلا يتغير الحكم فى الإرادة وغير الإرادة. فإنه إن كان علة الإرادة لغرض لذاته ، وجب أن يكون أبدا مريدا. وإن كانت إرادة محصول غرض حصل بعد أن لم يكن ، كان ذلك الغرض صيره فاعلا ، فإن الغاية تجعل الفاعل فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا. فإذن هو فاعل لذاته ، وخالق لذاته.
الخلق من لوازم واجب الوجود لذاته ، كالوحدانية والعلم.
المعلومات كانت له ولا شك أنها قديمة ، ولم يصح القدم فى المعلومات ولم يصح فى الموجودات ، ولم يصح أن تكون صور الأشياء معلومات له قديمة ، ولا يصح وجود العالم والأبديات. ولا خلاف أن صور الأشياء معلومة له ، وكلها متميزة عنده ، أى يعلم كل واحد منها متميزا عن الآخر.
واجب الوجود يجب أن تكون لوازمه ، وهى معلوماته ، معه ، لا تتأخر عنه تأخرا زمانيا ، بل تأخر المعلول عن العلة ، فلا تكون متوقفة فى وجودها عنه على شىء ، فلا يجب أن تكون غير موجودة ثم وجدت ، أو يكون هو غير مريد ثم أراد ، بل يجب أن تكون معه ، ويعلم أنها تكون على ما هو عليه فى الوجود ، إذ هى مطابقة لعلمه ، وهى معلولة لعلمه ، والمسبب مطابق للسبب.
لا يصح أن يكون المطلوب فى العلوم جنس الشىء أو فصله. فإن قيل : فكيف يطلب جنس النفس فى الطبيعيات؟ قيل : إنه يطلب فيه بهذا الطلب معنى الجوهرية لشيء مجهول ، على أنه عارض لذلك المجهول ، لا على أنه مقوم له. فالجوهرية إثبات عارض
صفحه ۱۵۸