عن علم مضمونه ، فيقال : هل تعرف ما فى الكتاب؟ فتقول : نعم ، إذ كنت تتيقن أنك تعلمه ويمكنك تأديته على تفصيله. والعقل البسيط هو المصور بهذه الصورة. وليس فى العقول الإنسانية عقل على هذا المثال ويكون متصورا بصور المعقولات جملة واحدة ودفعة واحدة. فكما يسمع القصة مثلا يتمثل له الحد الأوسط من غير اكتساب وفكر فيه وانتقال من معلوم إلى مجهول اللهم إلا أن يكون نبيا. والعلم العقلى هو بلا تفصيل ، والنفسانى هو بالتفصيل.
كل معقول للأول بسيط ، أى معلوم له بما له من اللوازم والملزومات إلى أقصى الوجود.
الأول يعقل الأشياء والصور على أنه مبدأ لتلك الصور الموجودة المعقولة وأنها فائضة عنه مجردة غاية التجريد ليس فيه اختلاف صور مرتبة متخالفة بل يعقلها بسيطا ومعا باختلاف ترتيب وليس يعقلها من خارج.
كما أن وجود الأول مباين لوجود الموجودات بأسرها فكذلك تعقله مباين لتعقل الموجودات ، وكذلك جميع أحواله فلا تقاس حالة من أحواله إلى ما سواه. فهكذا يجب أن يعقل حتى يسلم من التشبيه ، تعالى عن ذلك.
الموجودات كلها من لوازم ذاته ، ولو لا أنها من لوازمه لم يكن لها وجود. وكذلك هى منتقشة الصور فى العقول ، وهى فيها كالهيئات الموجودة فيها إذ هى معلولة للهيئات الموجودة فيها ، ولو لا ذلك لم تكن موجودة. وكذلك الكائنات والحادثات منتقشة فى نفوس الكواكب والأفلاك ، ولولاها لم تكن كائنة ، فلو كانت نفوسنا تتخيل بقوة خيال الكواكب والأفلاك لكانت مطالعة لجميع ما يحدث ويكون.
يجوز أن يكون للشخص الواحد (42 ا) صفات وأحوال تكتنفه من جهات تكون كلها مشخصة له ، وتكون أيضا شخصيات لا محالة لأن ما يشخص الشخصى شخصى وتلك الشخصيات أيضا لها مشخصات جزئية فتتسلسل وسببها الحركة التي تقرب وتبعد ، وهى غير متناهية إلا أنها لا توجد معا بل يفوت شيء ويلحق آخر.
قوله : «فيستند إلى أمور شخصيته» أى من حيث وجود ذلك النوع فى شخصه.
الأشياء الفاسدة تدرك من وجهين : إما أن تدرك بشخصيتها وجزئيتها وذلك إما بالحس أو التخيل ، وإما أن تدرك بأسبابها وعللها. والعلم بها من الوجه الأول يتغير بتغيرها ، وبالوجه الثاني لا يتغير لأن ذلك السبب كلى لا يتغير وهو نوع فى شخصه وهو مقول عليها وعلى غيرها من أشخاص ذلك النوع ، وذلك كإنسانية زيد ، فإن العلم بها
صفحه ۱۲۱