وينتهيا معا. فلا بد من أن تخلو الصغرى عن الكبرى بشيء مما تخلو به عنها هو مقدار ويحصل تقدم وتأخر ، وهذا هو صفة الزمان لا غير.
لما كانت الأشخاص حادثة وكانت مختلفة ولم يكن ذلك بمستنكر ، وجب أن تختلف أيضا فى صحة المزاج وفساده وفى اعتدال البنية وتفاوتها ، ولم يكن ذلك ظلما ، ولذلك يجب أن تختلف فى سائر أحوالها من الخيرية والشرارة والذكاء والفطنة والجهل والغباوة.
** حقيقة الثواب والعقاب :
الثواب هو حصول استكمال النفس كمالها الذي تتشوقه ، والعقاب تعريض النفس الغير المستكملة لأن تستكمل ويلحقها فى ذلك أذى من قبل جهلها ونقصانها. والحال فى ذلك شبيهة بالحال فى المريض إذا عولج بما يكرهه ليعقبه ذلك صحة.
البقاء فى الأجسام غير مقدور عليه وهو محال ، والعدم فى النفس غير مقدور عليه وهو محال ، وكما أن البقاء فى الأجسام محال ، والإعادة فيها محال ، كذلك العدم فى النفس وإن كانت حادثة لا سرمدية.
المعنى العدمى هو الذي فى قوته أن يصير شيئا آخر ، أو أن يصير له شىء ليس له فى الحال.
العدم عدمان : عدم على الإطلاق وهو عدم الفناء فى النفوس ، وعدم ملكة وهو عدم شيء فيما من شأنه أن يكون لموضوعه عن موضوعه أو لنوعه أو جنسه. وقد يقال لما من شأنه أن يكون لأمر ما وليس من شأنه أن يكون لأمر آخر ، فيكون مسلوبا عنه كالرؤية فى الصوت فإنها تسلب عنه.
السؤال الذي قال فى الأشياء السرمدية وهو : هل كان وقت لم تكن موجودة فيه؟ فهو كما يقال : هل كان زمان لم يكن فيه زمان؟ والجواب هل المعنى الذي تسأل عنه موجود أم غير موجود؟ وهذا المعنى إما أن يكون حالة لتلك الأشياء فى ذواتها وإما حالة لها من خارج. فإن كانت فى ذواتها فإنها فى أى وقت مرضية على حالة واحدة وهى لا وجود لها من ذاتها لا قبل ولا بعد. وإنما الوجود لها من باريها. وإن كانت حالة من خارج ويصح أن تكون موجودة فالكلام فيها كالكلام فى الأول : فإن صح أن تكون موجودة فلم لا يصح أن تكون الأشياء موجودة؟!
الفرق بين الهيولى والمعدوم أن الهيولى معدوم بالعرض موجود بالذات ، والمعدوم
صفحه ۱۱۴