العلمية وسائر تصاريفها، فلا يدخل في مسمياتها التلبس الفعلي بالمبدأ الحالي وهو " الإذعان للنسبة " والقول: بأن صدق الفقيه على صاحب الملكة الذي لا يعلم شيئا من الأحكام بعيد، مجرد استبعاد لا يصلح للاستناد إليه، مع أن المراد بصاحب الملكة هنا من له قوة راسخة يقتدر بها على الإذعانات الفعلية للمسائل بمراجعة المدارك واستعمال مبادئها حين المراجعة.
ومن الظاهر أن هذه القوة لا تحصل إلا بالممارسة التامة في الفن، المستتبعة لاستحضار مسائله واستحصال مبادئه، مع التمكن من أعمالها حين الرجوع إلى المدارك، بحيث لم يكن بينه وبين الإذعان الفعلي للمسائل حالة منتظرة إلا الرجوع إلى المدارك والنظر فيها، فهو في القوة إذا كان بتلك المثابة، يصدق عليه " الفقيه " وغيره على وجه الحقيقة بلا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه.
وتبادر الملكة من أصل ألفاظ العلوم المتنازع فيها ممنوع، ومن الألفاظ المشتقة منها مسلم، ولكنه لا يجدي في ثبوت كون الألفاظ المتنازع فيها أسامي للملكات، غاية ما هنالك حصول الفرق بين المشتقات ومبادئها، ولعله وضع آخر في المشتقات وارد على خلاف مقتضى وضع المبادئ، نظير الكاتب والقارئ والمعلم والخياط وغيرها من المشتقات العرفية بالقياس إلى مبادئها، الظاهرة في الحال، مع كون المشتقات لذوي الملكات، باعتبار الوضع الجديد العرفي، على ما عليه غير واحد من المحققين.
ويمكن الفرق في المبادئ أيضا بين الفقه وغيره بجعل الأول للملكة، كما يرشد إليه بناؤهم في دفع الإشكال المعروف، الوارد على تعريفه من جهة انتقاض عكسه بخروج أكثر الفقهاء، على حمل العلم المأخوذ في جنسه على الملكة، فإنه لولا المعرف اسما للملكة فسد التعريف على هذا الحمل من جهة أخرى، وهو لزوم البينونة بين المعرف والمعرف، بل هذا أوضح فسادا من انتقاض العكس.
لا يقال: لو صح كون هذا اللفظ اسما للملكة، لكان في التصديق بالمسائل مجازا، وهو باطل.
صفحه ۳۷