حد " الفقه " يعتبر فيه باعتبار الصدور والتعلق جهتان، يرجع أوليهما إلى الشارع تعالى وثانيتهما إلى عمل المكلف.
ويتضح بذلك - زيادة على ما مر - كون الحكم عبارة عن أمر فعلي، نظرا إلى أن الفعلية وصف لا يتأتى إلا بالتعلق الذي هو ظاهر في الفعل، كما أنه يندفع به - مضافا إلى ما مر - ما قيل على طرد الحد من صدق " الأحكام الشرعية الفرعية " على أحكام شرع اليهود وغيرهم من سائر الأمم، لانتسابها إلى الشرع والفرع معا، إلا أن يخصص " الشرعية " بشرع نبينا (صلى الله عليه وآله)، أو حمل اللام على العهد احترازا عما ذكر، فإن هذه الشرائع مخرجة بقيد " الأحكام " بملاحظة ما قدمناه من ظهورها في الفعل، ولا فعلية في الشرائع الأخر، ولو سلم عدم وفاء ذلك بالإخراج فاعتبار التعلق في " الفرعية " الظاهر في العروض الفعلي كاف في إخراجها.
نعم ربما يتوجه النقض بأحكام الملائكة والتكاليف المختصة بهم، فإن العلم بها من هذه الجهة كالعلم بشرائع الأمم السالفة لا يسمى فقها، ولا العالم بها فقيها، مع أن ما ذكر في تعريف الفرعية صادق عليها.
ويمكن دفعه: بأن الظاهر المنساق من التعريف كون الحكم متعلقا بالعمل تعلقا يجب معه العمل عليه، والتدين به على العالم به، أو من شاركه في التكليف.
ولا ريب أن الأحكام المتعلقة بالملائكة بالقياس إلى من يعلمها من البشر ليست بتلك المثابة.
وقد يدفع: باعتبار كون العمل عملا للمكلف الآدمي من باب التقييد أو حمل اللام على العهد.
ومنهم من زاد في تعريف الفرعية قيد " الكيفية " مضافة إلى " العمل " وهي الهيئة المخصوصة التي تعتبر مع العمل في تعلق الحكم الشرعي به.
والمراد بها إما الصورة النوعية التي يمتاز بها كل نوع من العمل عن مشاركاته في الجنس، أو الهيئة العارضة له من انضمام أو تقييد أو انضمام وتقييد (1) على
صفحه ۶۷