المقدمة
الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالمِيْن، والصَّلاة والسَّلام على أَشْرَف المُرْسَلين، نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وعلى آله وصحبه والتَّابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
وَبَعْدُ: فَتَعُود صِلَتي بِكِتَاب أَبي الوَليْد الوَقَّشِيِّ (التَّعْلِيْق على المُوَطَّأ) عَلَى مَا يَزِيْد عَلَى خَمسَ عَشْرَةَ سنة خلت، حيث قَرَأْتُ في فَهَارس مكتبة الأسكوريال أنَّ ضمنَ مُقْتَنَياتِهَا نُسْخَةً مِنْهُ، فَبَادَرْتُ بِطَلَبِهَا مِن هُنَاكَ، وَذلِكَ سنة ١٤٠٥ هـ، وَأَشْفَعْتُ رِسَالتِي بِأُخْرَى حَمَلَهَا صَدِيْقنا الفَاضِل الدُّكتور عبد الله بن سُلَيْمَان الجَرْبُوع، وَكَانَ مُسَافِرًا إلى هُنَاكَ، فَتَفَضَّلَ مَشْكُوْرًا بِإِحْضَارِهَا، فَأُسَجِّلُ لَهُ هُنَا شُكْرِي وَتَقْدِيْرِي، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى كِتَابِ "مُشْكِلات المُوَطَّأ" المَنْسُوب إلى ابن السِّيْدِ البَطَلْيَوْسِيِّ (ت: ٥٢١ هـ) (مَخْطُوطًا) وبمُقارنته بالكِتَابِ المَذْكُورِ تَبَيَّنَ لِي أَنّه اخْتصارٌ لَهُ لَا يَزِيْدُ على ذلِكَ. وَمَضَتِ الأيَّامُ واللَّيَالِي وَأَنَا أُحَاول العُثُور عَلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى؛ (١) لِصُعُوبَة العَمَلِ عَلَى النُّسْخَةِ الوَاحِدَةِ، مَعَ نَقْصِهَا من أَوَّلِهَا وَاضْطِرَابِهَا، مَعَ مَا فيها من التَّحْرِيْفِ والتَّصْحِيفِ، ومع مواصلة البحث لَم أَظْفَر بِطَائِلٍ، وَعَقَدْتُ العَزْمَ عَلَى العَمَلِ بِهَا، فَقُصْتُ بِنَسْخِهَا وَمُقَابَلَتِهَا، وَحَالتْ دُوْنَ نَشْرِهَا ظُرُوف أَدَّت إلى تَأَخُّرِ ذلِكَ، حَتَّى أَذِنَ اللهُ هَذِهِ الأيَّام بالعَوْدَةِ إِلَى العَمَلِ فِيْهَا، وَوَاصَلْتُ ذلِكَ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى سُوْقِهَا، وَقد جَعَلْتُ العَمَلَ في قِسْمَيْنِ: القِسْمُ الأوَّل (المُقَدِّمَةُ)، والقِسْمُ
_________
(١) يُراجع الاستدراك والتنبيه في آخر هَذهِ المقدمة.
مقدمة / 5