غذا در جهان قدیم
الطعام في العالم القديم
ژانرها
كان دافعه الحقيقي لتحريم النظام الغذائي الحيواني هو تمرين الناس وتعويدهم على البساطة في الحياة، حتى يتسنى لهم أن يعيشوا على أشياء يسيرة المنال، ويبسطوا على موائدهم أطعمة غير مطهية ويشربوا ماء نقيا فقط؛ لأن هذا النظام هو السبيل إلى الحصول على جسم سليم وعقل فطن متوقد. (ترجمه إلى الإنجليزية: هيكس)
وجهت انتقادات كثيرة إلى فكر أتباع فيثاغورس، ويعبر ديوجينيس عن معتقدات عصره في أوائل القرن الثالث الميلادي. وعزا أثينايوس - وهو من معاصري ديوجينيس على الأرجح - تصوير هوميروس لأبطاله في ملحمتي «الإلياذة» و«الأوديسا» إلى أهداف أخلاقية مشابهة، وذلك كما سنرى في الفصل التاسع. وكتب ديتيان (1994 (1997) 37-59) نقدا ممتازا عن الضوابط الغذائية السائدة بين أتباع فيثاغورس، متناولا الجانب السياسي لهذه الجماعة من أتباع فيثاغورس، والعلاقة بين نقاء الروح والعصور القديمة. (يناقش أوجه التباين الأساسية بين أكل اللحوم والقرابين النباتية وذلك في حالة ميلو في أوليمبيا؛ حيث كانت تقدم أيضا قرابين نباتية قديمة (راجع ما سبق).) انتقل أتباع فيثاغورس المتزمتون من المدن الإغريقية ذات الحكم الذاتي في جنوبي إيطاليا، وانسحبوا من عادة تقديم القرابين؛ ومن ثم من حياة المدينة وهويتها. اتخذ أتباع آخرون أقل زهدا موقفا وسطا، ورفضوا أكل حيوانات معينة وأسماك معينة فقط، وذلك بهدف عدم الانسحاب تماما عن هذه العادة. وكانت أجزاء الحيوان التي امتنعوا عن أكلها هي الأجزاء الأكثر ارتباطا بالحياة، مثل المخ ونخاع العظم والأعضاء الحيوية، وكانوا لا يأكلون إلا الحيوانات «المذنبة»، مثل الخنزير لأنه كان يدوس حبوب ديميتر، والجدي لأنه كان يرعى على أعناب ديونيسوس.
ويأتي أتباع فيثاغورس وأيضا أتباع أورفيوس - وهم جماعة من المتصوفة - كأفضل مثال على عادة المحرمات المتعلقة بالأطعمة في البلدان الإغريقية الرومانية. وكما يوضح ديتيان، فإن اللحوم هي أبرز المحرمات في العصور القديمة من الناحية الاجتماعية: استبعد أتباع فيثاغورس المتزمتون أنفسهم من مجتمع المدينة الذي تأسست هويته الدينية على تقديم قرابين من الحيوانات. وكانت العلاقة بين الفول وتناسخ الأرواح معروفة أيضا في مصر. وبوجه عام، لم يكن ثمة أي أطعمة محرمة تقريبا، على عكس مجموعة القوانين اليهودية الواردة في العهد القديم (راجع باركر 1983: 357-365). جرت العادة لدى الإغريق والرومان على الامتناع عن أكل الطعام المكرس للموتى، مثل الكلاب التي كانت تقدم كقرابين إلى الإلهة هيكاتي. وكان من غير المسموح أيضا أكل أسماك معينة. يقدم أثينايوس دليلا على المكانة الدينية لأسماك البوري الحمراء:
يقول أبولودورس أيضا في بحثه «عن الآلهة» إن أسماك الترليا (وهي سمكة ذات زعانف صدرية مكونة من ثلاث شعب) كانت تقدم إلى الإلهة هيكاتي؛ نظرا لتداعيات الاسم وارتباطه بهيئة هذه الإلهة ذات الرءوس الثلاثة. ولكن ميلانثيوس يدرج - في كتابه عن الأسرار الشعائرية في إلفسينا - سمك الإسبرط مع سمك الترليا لأن هيكاتي إلهة بحر أيضا. يعلن هيجيساندر من دلفي أن أسماك الترليا كانت تحمل في الموكب في عيد آرتيميس لأنها معروفة بصيد أرانب البحر والتهامها؛ نظرا لكونها كائنات سامة. ومن ثم، على اعتبار أن أسماك الترليا كانت تفعل هذا لإفادة البشر، فإن هذه الأسماك الصيادة تصبح مكرسة للإلهة الصيادة. (ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك)
تثبت هذه الشهادات أن الأسماك لم تكن مستبعدة تماما من الديانة الإغريقية، فالأمر أبعد ما يكون عن ذلك. ولم تكن الضوابط المفروضة على تناول الأسماك أيضا تقتصر على الطوائف الهامشية مثل أتباع فيثاغورس؛ ففي أتيكا، كانت نساء إلفسينا يقمن وليمة في عيد هالوا، كانت تضم «كل أصناف الطعام، فيما عدا الأطعمة المحرمة في احتفال الأسرار الشعائرية، مثل الرمان والتفاح والبيض والدواجن وأنواع معينة من الأسماك. وعندما تصبح الوليمة جاهزة، كان الولاة ينصرفون ويتركونها للنساء. وشرح المعلق القديم أن الوليمة الفاخرة تثبت أن إلفسينا هي المكان الذي تعلم فيه البشر عادات تناول الطعام الراقية» (بارك 1977: 98). وهذا الدليل على إقامة وليمة فاخرة تقتصر على النساء، وتحكمها ضوابط غذائية، مع وجود تفسير يبحث في أصل الأسطورة؛ هو دليل يميز المدن ذات الحضارة الإغريقية الرومانية. ويتصادف أن يأتي هذا الدليل من إلفسينا، وهي من المدن المهمة في المجال الديني. ومع وجود حالات مثل هذه، يستنتج باركر (1983) أن المحرمات المتعلقة بالأطعمة كانت محدودة.
وما زالت لدينا فئتان من القرابين المقدمة إلى الآلهة لنناقشهما، وهما تقديم قرابين من باكورة الحصاد - أو أفضل قسم من الحصاد - إلى الإله الذي كان يعتقد أنه هو الذي وهبه (يقدم بيركرت 1985: 66-68 الكثير من الأمثلة). ويزخر الأدب بحكايات تحذيرية عن المجتمعات التي لم تكن تقدم قرابين إلى آلهة الزراعة؛ ففي أسطورة ميليجر القديمة - التي ظهرت لأول مرة في ملحمة «الإلياذة» الجزء التاسع - تغضب آرتيميس حين لا تحصل على قربان حصاد من الملك أونوس دون سائر الآلهة؛ فترسل خنزيرا بريا رهيبا لإفساد المحاصيل. وفي الحقبة التاريخية، تسجل النقوش القرابين التي قدمتها المجتمعات المشتغلة بالزراعة، وفيما يلي تفاصيل الأموال التي جمعها معبد إلفسينا في عام 420 تقريبا:
يحضر أهل أثينا قرابين باكورة الحصاد إلى الإلهتين من ثمار الحقل اتباعا للعادة القديمة، واتباعا لوسيط الوحي من دلفي: من مائة بوشل (مكيال للحبوب) من الشعير، على ألا يقل عن سدس بوشل، ومن مائة بوشل من القمح، على ألا يقل عن واحد على اثني عشر بوشل ... يجمع الجباة هذه الكمية في القرى ويسلمونها إلى الكهنة في إلفسينا. تشيد ثلاث صوامع من الذرة في إلفسينا ... تحضر الولايات الحليفة أيضا قرابين من باكورة الحصاد بالطريقة نفسها ... وترسلها إلى مدينة أثينا ... يرسل مجلس المدينة أيضا إخطارا لكل المدن الإغريقية ... ويحثها على تقديم قرابين باكورة الحصاد إذا رغبت في ذلك ... وإذا أحضرت إحدى هذه المدن قرابين يتسلمها الكهنة بالطريقة نفسها. تقدم قرابين من الكعكات المقدسة بحسب إرشادات كهنة يومولبيداي، ويقدم أيضا قربان من ثلاثة حيوانات تبدأ بثور بقرون مذهبة، ويقدم قربان لكل من الإلهتين من الشعير والقمح، ثم يقدم قربان كامل لكل من تريبتوليموس والإله والإلهة ويوبولوس، ويقدم للإلهة أثينا ثور بقرون مذهبة. (ترجمه إلى الإنجليزية: بيركرت)
يبين النص بوضوح اندماج حماية الحصاد في أتباع الإلهتين ديميتر وبيرسيفوني (والأساطير المرتبطة بها) في إلفسينا، ونجد أيضا شرحا واضحا لمتطلبات السياسة الوطنية والدولية في أثينا، وهي المدينة التي كانت تسيطر على إلفسينا والأسرار الشعائرية. وكانت يومولبيداي أيضا أسرة قديمة من الكهنة تحظى بنفوذ في إلفسينا وأثينا. ويذكر النص المنقوش العادة القديمة وبناء صوامع جديدة (يذكر بيركرت أن الصوامع كانت مشيدة بالفعل في هذا التاريخ). وهذا يوضح كيف كان الدين متأثرا بالماضي ومرتبطا بالمتطلبات المعاصرة في آن واحد، وكان من الشائع أن تتألف القرابين من العسل وكعكات أخرى (راجع الفصل الرابع).
لم تكن باكورة الحصاد تقتصر على موسم حصاد الحبوب فحسب؛ فنحن نعلم أيضا بتقديم قرابين شكر إلى بوسيدون لأنه وهب سربا من أسماك التونة. يخبرنا أثينايوس عن تقديم قرابين من باكورة الأسماك التي يصطادها الصيادون في هالاي في أتيكا، وذلك استنادا إلى الدليل القائم على كتاب «عن المفردات» من تأليف أنتيجونوس الكاريستوسي. وكذلك، كانت تقدم قرابين من فئة ثانية من الحيوانات غير المخصصة للقرابين. كان الصيد عادة شائعة في كل العصور، وكان من العادات التي تمارسها الطبقة الحاكمة على وجه الخصوص، وكان من الوارد تقديم الحيوانات الكبيرة التي يصطادونها كقرابين إلى آلهة الأماكن البرية، وتحديدا إلى الإلهة أرتيميس. وينبغي أن ينظر إلى هذا الشكل من أشكال تقديم القرابين على أنه قربان للتعبير عن الشكر وإجراء احتياطي تحسبا لغضب أحد آلهة الأماكن البرية، ما دام أنه لم يكن يندرج في فئة حيوانات المزارع التي يفرضها طقس تقديم القرابين العادي، وهو بمنزلة العقد المبرم بين آلهة الزراعة المتقدمة، إذا جاز التعبير. ويتحدث بيركرت (1985: 58 و149-152) حديثا طويلا عن الموضوع.
وأخيرا، كيف كانت تأكل الآلهة؟ ذكرت آنفا أن الآلهة لم تكن بحاجة إلى شيء على الإطلاق، وبناء على ذلك، كانت الأساطير تروي أن الآلهة تأكل أطعمة مميزة مثل الرحيق والطعام الإلهي، وهي أطعمة لا تنبت الدماء في الأوردة بل دماء إلهية «إيكور». ومن الممكن ملاحظة ذلك - مثلا - في وليمة للآلهة في الجزء الأول من ملحمة «الإلياذة»، أو في وصف حوريات البحر كاليبسو في الجزء الخامس من ملحمة «الأوديسا». كانت الآلهة تأكل في مواقف اجتماعية مشابهة للمجتمع البشري، نجد فيها الأرائك والأقداح وكذلك الخلافات. يوجد تراث وافر من الأساطير القائمة على حضور الآلهة ولائم زفاف دامية، ومن أمثلة ذلك المعركة التي اندلعت بين مسوخ القنطور وعشيرة اللابيث (في وليمة زفاف طغت عليها الخمر والشهوة)، وزواج بيليوس وثيتيس، وهو ما ينظر إليه في الكثير من الروايات على أنه مقدمة هادئة لحرب طروادة. وصور الأدباء والفنانون هذه الأحداث على نحو متخيل في الكثير من الأعمال الفنية والأدبية . ويرى الكثيرون أن أغرب صورة من صور طريقة أكل الآلهة في العصور القديمة كانت ثيوزينيا (باليونانية) وليكتيسترنيوم (باللاتينية)؛ وفي هذه الصورة، كانت الآلهة حاضرة في هيئة تماثيل في الوليمة التي يحضرها البشر، وذلك بدلا من أن تتلقى الدخان الناتج عن حرق القرابين عن بعد وهي على قمم جبل الأوليمب. يصف بيركرت (1985: 107) مثل هذه الأعياد في إسبرطة ودلفي في البلدان الإغريقية؛ أما بخصوص الرومان، فيسجل ليفي أول احتفال من احتفالات ليكتيسترنيوم كالآتي:
صفحه نامشخص