تعلم لغة جديدة بسرعة وسهولة
تعلم لغة جديدة بسرعة وسهولة
ژانرها
كنت بالفعل مفتونا بفكرة تعلم لغة أجنبية والتحدث بها قبل أن ألتحق بالمدرسة؛ إذ كنت أرى أن تعلم لغة أجنبية أشبه بتعلم شفرة سرية. وهكذا كنت سأتمكن من فهم كلام لا يستطيع سواي من أصدقائي أو عائلتي فك شفرته؛ وسأستطيع استخدام لغة مميزة لا يعرفها سواي، أو سأجري محادثات سرية مع أحد متحدثي هذه اللغة؛ وعليه، أقنعت فتاتين من الجيران أن تعلماني اللغة الفرنسية بعد أن تعودا من المدرسة كل يوم، وقد استمتعتا بلعب دور المعلم، وتعاونتا عن طيب خاطر. كانتا تقدمان لي أوراقا تحتوي على الأرقام وأيام الأسبوع. كنت أصغر من أن أستطيع القراءة، لكن هذا لم يكن مهما؛ فقد طلبت من والدي أن يقرأ لي ما كتبتاه، غير أن نطقه لم يكن ليشبه على الإطلاق ما كانت الفتاتان تعلمانني إياه. أذكر أنني دائما ما كنت أخبره أنه مخطئ، وكان هو دائما ما يقول لي إنه يقرأ المكتوب.
وعندما كنت في السادسة أو السابعة من العمر، حضر أبي دورة تدريبية خاصة مرتبطة بعمله. كان النهج الذي يتبعه لتثبيت ما كان يتعلمه هو أن يأتي كل يوم إلى المنزل ويلقنني ملخصا لما تعلمه في البرنامج التدريبي في ذلك اليوم، بعد تناول العشاء؛ ومع أنني كنت صغيرا جدا حينها، فإنني فهمت معظم ما كان يعلمني إياه (أو هذا ما ظننت). وفي إحدى الأمسيات، عاد أبي إلى المنزل وأخبرني أنه حضر محاضرة مميزة حول كيفية التعلم الفعال، وشرح لي أنه علي أن أربط المعلومات الجديدة بالمعلومات التي لدي بالفعل، وكلما كانت صلة الربط بين المعلومات الجديدة والقديمة غريبة أو مضحكة، بل متبجحة قليلا أيضا؛ كان ذلك أفضل. لم تفارقني هذه الاستراتيجية الأساسية قط، فطبقتها في كل سنوات المدرسة والجامعة، وخاصة لحشو ذهني بالمعلومات قبل الامتحانات، وطبقتها في المذاكرة، بصفة عامة، وكذلك في تعلم مفردات أي لغة جديدة أتعلمها. وباستخدام هذه الطريقة، يحفظ تلاميذي ما ينيف على 100 كلمة ومعانيها في ساعة واحدة؛ وسوف أطلعك عزيزي على هذا المنهج في هذا الكتاب.
ولأن الشيء بالشيء يذكر؛ فقد سألني أبي من أين أتيت بفكرة طرق الاستذكار التي أتبعها الآن، فأخبرته أنه هو من علمني إياها عندما كنت في السادسة، فقال لي إنه يتذكر الدورة التدريبية، وإنه كان يعلمني في المساء، لكنه لا يذكر أي شيء البتة عن محاضرة طرق الاستذكار (أو حتى حضورها)، وقال إنه هو نفسه لم يستخدم أيا من هذه الطرق قط.
لم أكن أطيق صبرا على بدء المدرسة الثانوية؛ حيث كنت سأبدأ في تعلم اللغة الفرنسية بنحو جدي. لم تكن فكرة المدرسة تبدو شائقة لي قط، بل كانت تمثل خيبة أمل كبيرة. لم يكن بمقدور أحد في المدرسة - حتى أولئك الذين أنهوا سنتهم الأخيرة حاصلين على درجات عالية في اللغة الفرنسية - إجراء محادثة بالفرنسية. إننا لم نتعلم التحدث باللغة، بل كنا نجد صعوبة في قراءتها. كان الجميع يشكون من اضطرارهم إلى تعلم الفرنسية. كنت أستحي من الاعتراف بأنني أستمتع بتعلم اللغة بالفعل، وإن كنت في الوقت نفسه محبطا من عدم إحراز تقدم.
كان من الصعب أن أشعر بالحماس في دروس الفرنسية؛ فقد بدأت تلك الدروس بالقواعد النحوية وتصريفات الأفعال - ولم نكن نتحدث كثيرا باللغة. وكان يبدو أن الدروس قد وضعت خصوصا لتؤدي إلى الفشل، علاوة على إثارة النفور من المادة، إن لم يكن الكراهية لها، ومع ذلك كانت الفرنسية مادتي المفضلة دائما.
عندما تركت المدرسة اشتريت أسطوانات فونوغرافية لتعليم الفرنسية، وحضرت دروسا مسائية على نفقتي الخاصة. كان التقدم الذي أحرزه حينئذ أسرع من ذلك الذي كنت أحرزه في دروس المدرسة الثانوية مئات المرات. كنا نتحدث اللغة بالفعل؛ إذ كنا ندرس اللغة المنطوقة أو المحادثة بدلا من السرد، وقد استخدمنا أحد كتب مناهج دار النشر الفرنسية «آسيميل» لتعليم اللغات.
في تلك الأثناء، عثرت على أسطوانات منهج آسيميل لتعليم الألمانية في متجر الأسطوانات المستعملة؛ كانت تباع بسعر مخفض لأنها لم تكن تتضمن كتابا دراسيا؛ فقط المادة المسموعة. كنت أعرف أن بمقدوري شراء الكتاب من مدرسة تعليم اللغات؛ وعليه اشتريت الأسطوانات، ثم اشتريت الكتاب من مدرستي، وفي غضون شهرين كنت أتحدث الألمانية بدرجة معقولة. كان لي أصدقاء يتحدثون الألمانية؛ ومن ثم استعنت بهم في اختبار مهاراتي الجديدة. لم يصدقوا أن صديقهم الأسترالي يتحدث الألمانية.
في الوقت نفسه، اكتشفت منهجا رخيصا للغاية لتعليم الروسية كنت قد رأيته في واجهة أحد المتاجر أثناء مروري أمامها، فلم أستطع مقاومة شرائه. لأول وهلة ظننت أن ثمة خطأ حتما في كتابة السعر؛ نظرا لتدني سعره للغاية، ثم عرفت أن السعر مدعم من الحكومة الروسية، لكن هذا لم يكن يمثل أهمية؛ فها هو ذا منهج فعلي لتعليم اللغة بمقدوري استخدامه. بدأت في تعلم الروسية؛ كان تقدمي أبطأ من ذلك الذي كنت أحرزه في الألمانية، لكنني كنت أتحدث اللغة.
حجزت أنا وزوجتي تذكرتين لرحلة بحرية إلى أوروبا قاصدين ألمانيا؛ ومن ثم كان لدي دافع قوي لتحسين لغتي الألمانية، فتعلمت اللغة الألمانية بالاستعانة بأسطواناتي (التي كنت قد سجلتها آنذاك على أشرطة كاسيت) في خلال ستة أشهر، وكان هذا كافيا لأنجح نجاحا كبيرا في ألمانيا.
قبل أن نغادر أستراليا بأسبوعين اشتريت دورة تعليمية بعنوان «الإيطالية للسائحين»؛ فقد كنا مسافرين إلى أوروبا على متن سفينة ركاب إيطالية؛ لذا ظننت أن الإيطالية سوف تساعدني. كان المنهج رخيصا ويشتمل على تسجيلات للنص مصنوعة من الورق المقوى، فنسختها على شريط كاسيت حتى يمكنها أن تصمد طوال المسافة وبدأت التعلم. كان اسم هذا المنهج التعليمي «منهج تعلم لويز روبينز المعزز»، واعتقدت أنه رائع. مارست ما تعلمته مع أصدقائي الإيطاليين، وسرني أنني تعلمت قدرا معقولا بسرعة ويسر بالغين، وقد سعدت بالمنهج للغاية حتى إنني اشتريت النسخ الفرنسية والألمانية والروسية أيضا؛ على ما أذكر، كلفني كل منها حينها 3,20 دولارات. وكانت هذه السلسلة تضم أيضا منهج «الإسبانية للسائحين»، بيد أنني لم أكن مهتما بتعلم الإسبانية حينها، ومنذ ذلك الحين وأنا نادم على عدم شرائه. يبدأ كل منهج منها بتعليم الكلمات والعبارات التي تحقق أقصى استفادة للمتعلم، وتمنحه أقصى مرونة في تحدث اللغة. كانت الجمل تنطق في سياقاتها المناسبة - فلم تكن مجرد عبارات عشوائية ظن المؤلفون أنها قد تكون مفيدة (أناقش أهمية هذا المنهج في الفصل الرابع). ومنذ ذلك الحين أدمجت طرق التعلم المعززة في استراتيجياتي لمجالات أخرى من مجالات التعلم والتعليم.
صفحه نامشخص