لماذا تبكين؟ هل أنت مريضة؟
ولم أقل لك شيئا، وماذا أقول وأنت لا تعرف شيئا عن الحياة سوى أنها أكل جيد، وملابس ثمينة، وبيت لا ينقصه شيء، ولا تتصور أن شيئا ما يمكن أن ينغص علي حياتي إلا أن أكون مريضة، آه، ليتني كنت مريضة، فلا آكل ولا أشرب حتى أموت، ليتني كنت مريضة بعقلي، وقلبي، لا أبكي، ولا أفهم، ولا أحس، ولكن ماذا أفعل، وفي أعماق قلب سليم عنيد يريد أن يعيش، وأن يعيش بعنف، لماذا إذن أقتله؟ لماذا؟ دعني، دعني يا صديقي أعش حياتي أنا، لا حياتك أنت، دعني وشأني، فأنا لا أحبك، أنا لست زوجتك! لست قريبتك، لست من فصيلتك، أنا من جنس وأنت من جنس!
زوجي العزيز، هل تريد الصراحة المطلقة؟ إنني أحببت، نعم، أحببت رجلا، ماذا تقول؟ أنا خائنة؟ لماذا؟ لأنني صادقة لا أكذب، ولكن ماذا تسمي زواجنا؟ إنه خيانة، أكبر خيانة، لنفسي، ولك، وللحياة، ولكل شيء، أتسمي هذه الورقة التي كتبها بخطه الرديء، ذلك الرجل المعمم، زواجا؟ هل استطعت بها أن تمتلك نفسي وروحي وعقلي وقلبي؟ بل جسدي، جسدي هذا الذي تظن أنك امتلكته؟ إنك لم تمتلكه! لم تحركه! لم تمسه!
إنه يعيش في عذرية دائمة لم تفقده منها شيئا، لأنها عميقة بعيدة، في أعماقي، ليس في مقدورك أن تصل إليها.
هل كان زواجنا بعد ذلك شريفا؟ وكيف يكون وهو عقد بيع وشراء بين طرف أول قوي مستكبر، وطرف ثان، ليس له إلا أن يبصم؟
أيها الشريف الغالي، ما هو الشرف؟ أن تبيع المرأة نفسها للرجل في طيات ورقة الزواج، ووجبات الطعام الثلاث؟ وما الفرق بينها وبين تلك التي تسميها ساقطة؟ كل منهما تبيع نفسها، ولكن الثمن فحسب هو الذي يختلف.
لا يا سيدي! لست ساقطة! أنا لا أبيع نفسي!
لست رخيصة! هل تعرف ما هو الرخص؟! إنه حياتنا معا، إنه زواجنا، إنه رجل وامرأة يجتمعان بلا حب، بلا عواطف، بلا قلب، وماذا يبقى لنا بعد ذلك؟
جسد الحيوان؟
لا، لا تغضب يا عزيزي، ولا تثر، لم هذا الغضب؟ ولم هذه الثورة؟ من أجل كرامتك وكبريائك؟ من أجل عرضك واسمك؟ من أجل الناس الذين سيتكلمون ويتكلمون، ولكن ما شأن ذلك كله بي أنا، بما أحسه وبما أفعله؟ ألست «إنسانة» مثلك لي اسمي وكرامتي وكبريائي؟ لماذا لا ينسبون أعمالي إلي أنا؟ لا أريد أحد يحمل عني أخطائي، أو فضائلي.
صفحه نامشخص