وجامعة بشاور توجد خارج حدود مدينة بشاور على الطريق بين بشاور وممر خيبر، وتبعد عن المدينة مسافة تتراوح بين خمسة أو ستة أميال تقريبا ، وعن خيبر سبعة أميال تقريبا. ومنطقة الجامعة ومنطقة الكلية الإسلامية هي منطقة مربعة تقريبا طول ضلعها ميلان، ويتكون قسم منها من المباني القديمة للكلية الإسلامية والقسم الآخر هو المباني الحديثة للجامعة والكلية، والأساتذة يسكنون في هذه المنطقة بعيدا عن المدينة في عزلة تكاد تكون تامة فالمواصلات بين المدينة والجامعة بعد الغروب تكاد تكون مقطوعة تماما، وفي أثناء النهار لا يتعدى الاتصال عشر رحلات للأوتوبيس بمعدل رحلة في كل ساعة، أما في أيام العطلات فهي أربع فقط.
وقد أنشئ قسم اللغة العربية بجامعة بشاور في سبتمبر 1952، وتولى أعماله الدكتور عبد المحسن الحسيني بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية. وقد بدأ القسم بالسنة الأولى من الماجستير، وفي عام 1953 تخرجت أول دفعة من طلبة الدراسات العالية. وقسم اللغة العربية هو فرع من كلية الدراسات الشرقية التي تضم اللغة الأوروبية، اللغة الفارسية، لغة البشتو. ويتولى الدكتور عبد المحسن عمادة هذه الكلية منذ أول يناير 1953، وفي أول يناير من كل عام ينتخب أعضاء الكلية عميدا لهم مدة العام الميلادي.
ومنهج الدراسة في قسم اللغة العربية بجامعة بشاور يختلف عن غيره من المناهج في جامعات الباكستان الأخرى، فقد وجه توجيها جديدا يكفل لجامعة بشاور أن تكون في الصف الأول بالنسبة لجامعات الباكستان في هذا النوع من التخصص. كما حرص الدكتور الحسيني على أن يكون القسم على اتصال قوي بالأدب العربي والثقافة العربية بمصر والبلاد العربية. وقد وضعت الأموال لوصل الدراسة العربية في الباكستان بالدراسات الدينية بمصر، كما أعدت الخطط للاستعانة بالأساتذة المصريين في هذا الصدد حتى تتوطد أواصر الصداقة والصلات بين البلدين.
وقد بدا لي أن أسأل الدكتور الحسيني عما لمسه من فروق بين الطالب المصري والطالب الباكستاني بعد أن خبر الاثنين فقال:
الفرق بين الطالب المصري والطالب الباكستاني هو الفرق بين عمر مصر وعمر الباكستان؛ فمصر أمة أكبر عمرا من الباكستان وأكثر تجربة في الحياة، وأما الباكستان فقد ولدت منذ سنوات قليلة فقط، ومصر أمة تعيش على تقاليد موروثة وثقافة متصلة، وأما الباكستان فهي تبدأ في تأسيس ثقافتها وحضارتها ومقومات شخصيتها.
ولذلك فإن وعي الطالب المصري أقوى وأعمق من وعي الطالب في الباكستان، فهو يعرف نفسه ويعرف أمته ويعرف ثقافته ويحس بها جميعا وبموقعها من العالم، وأما الطالب الباكستاني فهو يتلمس هذه الخصائص التي يحسها غامضة في نفسه.
جامعة بشاور.
ولا يحس بالعالم إلا أنه يعيش في بقعة منعزلة عنه، فطابع شبه جزيرة الهند الذي فرض العزلة على سكانها يجعل الطالب الهندي عامة والباكستاني خاصة بمعزل عن التيارات الثقافية والحضارية في العالم.
والفارق الثاني بين الطالب المصري والطالب الباكستاني هو فرق ما بين ثقافة مصر وثقافة الهند والباكستان قبل التقسيم، فأهداف السياسة الإنجليزية في التعليم غير خافية فقد كان كل غرضها أن تخرج موظفين للدولة لا أن تكون عقولا مستقلة.
وأستطيع أن أقول: إن الثقافة المصرية في جملتها تهدف إلى تكوين المواطن الصالح، وأما الثقافة الإنجليزية التي فرضت على الهند والباكستان فقد كانت تهدف إلى تخريج الموظف الصالح أي المطيع! وكان من أثر ذلك أن دراسة العلوم الإنسانية في جامعات الباكستان لا تحل محلا لائقا بها، كما أن دراسة العلوم الاجتماعية لا تبذل لها أية عناية، والقدر الذي يوجد منها يبتعد عن حقيقة الدراسة الاجتماعية، فالتاريخ مثلا يتجه في أكثر الأحيان لدراسة تاريخ إنجلترا، والجغرافيا تعتبر مادة من مواد كلية العلوم، أي إنها تدرس في ضوء المناهج التي تدرس بها العلوم وليست التي تدرس بها المواد الاجتماعية. والفلسفة لا تعنى بالفروق بين المذاهب والمدارس وغير ذلك، وأما علم النفس فهو نوع من التربية.
صفحه نامشخص