وسعادة الباكستان، بل وسعادة الهند، بل إن الاستقرار في شبه القارة الهندية كله يتطلب التعاون التام لكي يمهد الفريقان السبيل لحياة هادئة واستقرار لشعبين كبيرين كانا في يوم من الأيام يعيشان في بيت واحد، وقد جمعت بينهما ذكريات الجهاد المشترك للخلاص من الاستعمار البريطاني الذي دام نحو قرنين من الزمان، إنهما شعبان كانا متحدين في يوم من الأيام ثم قضت الضرورة أن ينفصلا، ولم يكن الهدف من الانفصال إلا السعي وراء حياة أفضل وأكثر سلاما ... ولا تزال الصلات الطبيعية التي ربطت بينهما في الماضي أقوى بكثير من هذه الحدود التي اصطنعتها المعاهدات والاتفاقيات.
ولذلك فمن الخير ألا تقوم العلاقة بين الهند وباكستان على أساس هدنة مسلحة في كشمير، ومن الخير أن تعتمد كل دولة منهما على الأخرى اعتماد الجار على جاره، والصديق على صديقه، ومن الخير أن تحاول الدولتان التقريب بين حياتيهما في مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية، بل وفي ميدان السياسة أيضا إذا أمكن ذلك ...
ويوم تصبح العلاقة بين الهند وباكستان مثل العلاقة بين الأمريكيين من سكان الولايات المتحدة والكنديين، لهو اليوم الذي تستقر فيه الأوضاع في شبه القارة الهندية ويستتب فيه الأمن ...
وقد أصبحت الباكستان حقيقة واقعة على خريطة العالم بعد أن كانت حلما، ولا يمكن أن تفكر الهند أو غير الهند في إزالتها عن هذه الخريطة كما توارد إلى خواطر البعض في أعوامها الأولى، إذ كلما مضى عليها عام ازدادت استقرارا وثباتا ... •••
وبرغم هذه المشاكل تشق الباكستان اليوم طريقها في الميدان الدولي وتسير فيه بعزم وثبات، ومواقفها في الأمم المتحدة مشهورة، فقد كانت تنتهز كل فرصة للدفاع عن حقوق الأمم الضعيفة مسلوبة الحرية التي أوقعها سوء طالعها تحت سيطرة دول أخرى.
ولهذا فقد انبرت في المحافل الدولية للدفاع عن قضايا فلسطين وليبيا وتونس ومراكش، وهي تعمل دائما على تعزيز كل ما من شأنه أن يوثق علاقتها بالعالم الإسلامي.
وقد عبر عن هذه السياسة رئيس وزراء الباكستان، إذ قال وهو يشير إلى الدول الإسلامية:
إننا نشاركهم في أفراحهم وأتراحهم، ومصالحهم تماثل مصالحنا، وكل قوة أو نجاح يصلون إليه إنما هو قوة ونجاح لنا.
وما دمنا قد أشرنا إلى علاقة باكستان بالدول الإسلامية وتعلقها بها، فلا بد أن نذكر شيئا عن الأقليات الدينية التي تعيش فيها فقد تساءل العالم الخارجي كله بعد قيام الباكستان عن مركز هؤلاء الذين بقوا داخل حدودها من غير المسلمين ... وهل يجدون لهم مكانا في هذه الدولة التي قامت على أساس الدين الواحد المشترك؟
وقد عرفت باكستان، وعلى رأسها القائد الأعظم محمد علي جناح، أن وحدة البلاد ونهضة الوطن الجديد يستلزمان تضافر جميع الأيدي وتعاون جميع المواطنين الذين أقسموا يمين الولاء لعلم باكستان حتى ولو لم يكونوا من المسلمين. عرفت باكستان أن الدين لله والوطن للجميع، وأن المسلمين الذين كانوا يشكون من الاضطهاد الديني يجب أن يمنحوا الأقليات التي اختارت باكستان وطنا لها حريتها الدينية.
صفحه نامشخص