توافق اللجنة على أنه ليس هناك ما يدعو لتعديل الأنصبة المصرح بها من الماء المخصص للمنطقتين وللقنوات المتعددة.
وإذا كان التقسيم قد منح الباكستان أكبر جزء من الأراضي الخاضعة لنظام الري في كل من البنجاب والسند، إلا أن المشاريع التي تتحكم في مياه بعض القنوات الضخمة التي تغذي الباكستان بمياهها قد تركت في أيدي الهند أو كشمير.
ففي المناطق الغربية من البنجاب والسند في الباكستان أراض تعتبر من أخصب الأراضي التي تنتج المواد الغذائية في العالم، ولكن هذه الأراضي لن تلبث أن تتحول إلى صحارى إذا ما حرمت من مياه الري، فقد يجف في أسبوع واحد 20 مليون فدان من الأراضي وبذلك يتعرض عشرات الملايين من السكان لخطر الموت جوعا، وليس في استطاعة أي جيش بما لديه من قنابل وقذائف نارية أن يدمر هذه الأراضي كما يدمرها مجرد حرمانها من المياه التي تبعث الحياة في حقول الباكستان وأرواح سكانها.
وإذا ما استثنينا الفترة القصيرة التي تسقط فيها الأمطار الموسمية فإن الأمطار لا تسقط في الباكستان والأراضي المجاورة لها من الهند، وهي المنطقة التي تكون جزءا من حوض السند العظيم وفروعه الستة، وإذا ما علمت أن مدينة عظيمة كلاهور تعتمد في مياه الشرب على إحدى القنوات أدركت أن المزارع ليست هي الوحيدة التي تحتاج إلى مياه هذه القنوات، وهذا ما يجعل الباكستان في خوف دائم من المستقبل.
ومن جهة أخرى، فإن على الهند أن تحصل على مياه وفيرة وإلا هددتها أخطار المجاعة، إذ إن التقسيم لم يمنح الهند أية قناة أو أي مشروع من مشاريع الري، كما أن نسبة الأراضي التي ترويها مثل هذه المياه ضئيلة إذا قورنت بما تحتاجه الهند منها، إذ تبلغ حصة الباكستان من الاثنين والعشرين مليون فدان التي ترويها مياه نهر السند 18 مليون فدان، أما حصة الهند فهي تقرب من خمسة ملايين فدان، ومع ذلك فإن عشرين مليون نسمة يقطنون هذه المناطق من حوض السند في الهند، أما عدد الذين يسكنون هذه المناطق في الباكستان فيبلغ 22 مليون نسمة، وهنالك 35 ألف فدان أخرى من نصيب الهند في وادي السند يمكن أن تستغل استغلالا عظيما في زيادة إنتاج المواد الغذائية إذا توفر لها الري المناسب، ولذا فإننا نرى الهند تسارع إلى حفر القنوات وإنشاء السدود والمصارف لتوفير المياه اللازمة لهذه المساحة الكبيرة من الأراضي بقدر المستطاع.
وكان من الطبيعي أن يصاب الباكستانيون بالفزع حين يعلمون بنبأ هذا البرنامج الذي ينفذه الهنود لتحسين حال الري في بلادهم، إذ إن معظم هذه المياه التي ستستغل في المشاريع المذكورة ستسحب من الأنهار والقنوات الموجودة في الهند، والتي كانت ستجري إلى الباكستان لو لم تجد من يحول دون ذلك.
ويقول الباكستانيون إن معنى ذلك هو حرمانهم من المياه التي لهم حق شرعي وإنساني في الحصول عليها. أما الهند فتقول إن هذه المياه هي مياهها وإنها صاحبة الحق الأول فيها وإن شعبها يجب أن يأكل كذلك. وقد نتج عن ذلك صراع خطير يتوقف عليه مصير 42 مليون إنسان.
وليس هنالك أي أمل في أن يخيم السلام على ربوع شبه القارة الهندية الباكستانية ما دامت بوادر الانفجار ماثلة للعيان، ولن يتحقق هذا السلام إلا إذا عجل بإيجاد حل حاسم لمشكلة المياه، حتى ولو أجري الاستفتاء في كشمير، إذ إن حل مشكلة المياه حلا إيجابيا لابد أن يخلق جوا جديدا يمهد السبيل لحل مشكلة كشمير على أساس جديد لا يخطر على الأذهان في الوقت الحاضر، لعقم الطريقة التي تعالج بها هذه المشكلة والجو الذي يحيط بها. •••
والواقع أن النزاع على المياه بين باكستان والهند يكاد يكون مشكلة هندسية أو مالية لا علاقة لها بالسياسة أو الخلافات الدولية، فإنه إذا أمكن استغلال كميات المياه التي تضيع هباء بواسطة مشروع من المشروعات الكبيرة كمشروع وادي نهر تنيسي
2
صفحه نامشخص