وتقع مدينة كراتشي - عاصمة باكستان - على ساحل البحر العربي الذي يحف بباكستان الغربية من الجنوب، ولقد اتسعت اتساعا ظاهرا خلال السنوات السبع الماضية، ففيها الآن ميناء كبير عامر ومطار جوي يعد من أكبر المطارات وأكثرها نشاطا.
وعندما تأسست باكستان منذ ثماني سنوات لم يكن عدد سكان كراتشي يزيد عن 359000 نسمة، أما الآن فيربو عدد سكانها عن المليون والربع. وقد سبب تدفق اللاجئين إليها من الهند وجود أزمة شديدة في المساكن غير أن أهل كراتشي انصرفوا إلى البناء والتعمير، فشيدوا خلال الأعوام القليلة الماضية عددا لا يحصى من البيوت والمساكن والمكاتب والمدارس والمعامل والمخازن، وما إلى ذلك مما تقتضيه الحياة المدنية.
ويبلغ عدد سكان السند نحو 4608000 نسمة، وتقع خارج حدود المنطقة التي تحتلها العاصمة الاتحادية - كراتشي - الآن، وقد دلت الحفريات التي أجريت في نواحي هذا الإقليم مؤخرا على أنه كان مركزا لمدنية زاهرة قامت منذ أكثر من خمسة آلاف سنة وعاصرت مدنيات الفراعنة في مصر، وإنك لتجد مصداق هذا القول في آثار موهن جودارو المشهورة. ثم إنك لتجد في السند وعلى الأخص في مدن تتا وبامبور وحيدر أباد (وهذه الأخيرة هي عاصمة السند، ويبلغ عدد سكانها نحو 242000 نسمة)، آثارا قيمة تدل على مبلغ تقدم الفنون الإسلامية في هذا القسم من باكستان خلال العصور الوسطى.
والسند بلاد زراعية من حيث الأساس وتسقى أراضيها من نهر السند الذي تتفرع منه قنوات وترع تؤلف شبكة كبرى للري ... ويجري الآن بناء خزان ضخم في أسفل نهر السند بالقرب من كوترى ويعرف باسمها وهو على وشك التمام.
وأكثر سكان السند فلاحون أقوياء الأجساد أشداء، وقوتهم الرئيسي لحوم الضأن والخضر واللبن والقمح، ومن هوايتهم الرياضية المصارعة وركوب الخيل.
أما إقليم البنجاب فيبلغ عدد سكانه نحو 18828000 نسمة، ويتاخم إقليم السند من ناحية الشمال. وكلمة «بنجاب» تعني المياه الخمسة، إشارة إلى الأنهار الخمسة التي تمر في أراضيه (هي السند وجيلم وجيناب وراوي وستلج)، وهو من أغنى المناطق الزراعية في باكستان ومن أكثرها خصوبة وأغزرها خيرات، فهو في الواقع «صومعة القمح» في باكستان.
وعاصمة البنجاب هي مدينة لاهور، وتعد من أكبر المراكز الثقافية في باكستان، وتتجلى في آثارها وعادياتها مظاهر أمجاد المغول وتراثهم، فمسجد بادشاهي يعد أكبر مسجد من نوعه في العالم، ومسجد وزير خان يعد تحفة فنية نادرة المثال، وحدائق شاليمار تبدو كالدرة الفريدة لما تمتاز به من دقة في التخطيط ومهارة في الهندسة وعلو في الذوق الفني.
ولمدينة لاهور جامعتها التي تعتبر من أقدم الجامعات في شبه جزيرة الهند، ويحيط بمدينة لاهور أرياف سندسية وبلدان وقرى جميلة، منها بلدة مونتجمرى (ويبلغ عدد سكانها 50000) وبلدة ليالبور (سكانها نحو 179000) وسيالكوت (سكانها 168000)، وهذه كلها من المراكز الكبرى للزراعة وللصناعة اليدوية.
وأهل البنجاب أقوياء أشداء أيضا، ويتكون طعامهم من خبز القمح والذرة ومن لحم الضأن والخضر واللبن والسمن، وهم يكلفون بالرياضة والفروسية، ومن ضروب الرياضة عندهم المصارعة والسباحة.
وعندما يحين فصل الصيف في إبان شهر مايو ويشتد القيظ وتهب الرياح الحارة على سهول البنجاب يهرع الأغنياء من أهله إلى مصيف جميل يقع على جبال مري (ويعرف باسمه)، على ارتفاع 7527 قدما من سطح البحر، فيقضون فيه أشهر الصيف متنقلين بين وديانه وحقوله الغناء ... فإذا ما مضى الصيف وولى القيظ هبطوا عائدين إلى مدنهم في السهول تاركين وراءهم المصيف وقد أخذت الثلوج تتساقط عليه وتكسو أشجاره وبيوته بحلة سميكة بيضاء ناصعة ...
صفحه نامشخص