أما بعد فَإِن اللَّه سُبْحَانَهُ خص من بريته بنبوته أَقْوَامًا وجعلهم على خليقته فِي الدُّعَاء إِلَى شَرِيعَته قوّاما وَأحكم مَا شرع لَهُم من الدّين القويم إحكاما وَجعل لكل نَبِي مِنْهُم بالقسطاس الْمُسْتَقيم شرعة وأحكاما وَفرض على الأنَام الِاقْتِدَاء بهداهم وشرعتهم إلزاما والاقتفاء بنهجهم فِيمَا نهجوه لَهُم نقضا وإبراما وَاصْطفى مِنْهُم مُحَمَّدا ﷺ وَجعله لِلنَّبِيِّينَ كلهم ختاما ونصبه لِلْمُتقين إِمَامًا وَاخْتَارَ لَهُ مِلَّة أَبِيه إِبْرَاهِيم وسماعها إسلاما وَأوجب على الْخلق طَاعَته انقيادا لَهُ واستسلاما فجلا بِنور فجره من غياهب الشّرك ظلاما وأذهب بِيَقِين برهانه من سباسب الشَّك قتاما وأسبغ بِهِ على كَافَّة الْمُسلمين نعْمَته برا بهم وإنعاما حَتَّى أوضح لَهُم مَا أَبَاحَ حَلَالا وَمَا حظر حَرَامًا فصلى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم صلوَات تزداد على ممر الْأَوْقَات دواما ولقّاهم يَوْم يلقونه فِي الفردوس تَحِيَّة وَسلَامًا وجزاهم الْجنَّة بِمَا صَبَرُوا فكم تحملوا فِي طَاعَته مِمَّن خالفهم متاعب وآلاما وأحلهم دَار المقامة بفضله وَحسنت مُسْتَقرًّا ومقاما ثمَّ إِن اللَّه وَله الْحَمد أكمل دينه وأتمه إتماما وَنصب لَهُ من الْعلمَاء بِهِ أَئِمَّة يقْتَدى بهم وأعلاما وآتاهم بصائر نَافذة عِنْد الشُّبُهَات ورزقهم أفهاما فانتدبوا التبصير المستبصرين حِين أَصْبحُوا متحيرين إيضاحا وإفهاما لما همى سَحَاب الْبَاطِل وهطل بَعْدَمَا صَار ركاما وَقَامَ سوق الْبدع عِنْد وُلَاة الْمُسلمين فِي الْخَافِقين قيَاما وحاد أهل الاعتزال عَن سنَن الِاعْتِدَال جرْأَة مِنْهُم على رد السّنَن وإقداما فنفوا عَن الرب سُبْحَانَهُ مَا أثبت لنَفسِهِ من صِفَاته فَلم يثبتوا صفة وَلَا كلَاما وَتَمَادَى أهل التَّشْبِيه فِي طرق التمويه
1 / 25