83

التبصرة

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

بيوتهم فوقعت عليهم ﴿فدمدم عليهم ربهم﴾ أَيْ أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ. وَلَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى دِيَارِهِمْ قَالَ: " لا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ". اعْتَبِرُوا إِخْوَانِي بِهَؤُلاءِ الْهَالِكِينَ، وَانْظُرُوا سُوءِ تَدْبِيرِ الْخَاسِرِينَ، لا بِالنَّاقَةِ اعْتَبَرُوا، وَلا لِتَعْوِيضِهِمُ اللَّبَنَ شَكَرُوا، وَعَتَوْا عَنِ النِّعَمِ وَبَطِرُوا، وَعَمُوا عَنِ الْكَرَمِ فَمَا نَظَرُوا، وَأُوعِدُوا بِالْعَذَابِ فَمَا حَذِرُوا، كُلَّمَا رَأَوْا آيَةً مِنَ الآيَاتِ كَفَرُوا. الطَّبْعُ الْخَبِيثُ لا يَتَغَيَّرُ، وَالْمُقَدَّرُ ضَلالُهُ لا يَزَالُ يَتَحَيَّرُ، خَرَجَتْ إِلَيْهِمْ نَاقَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّعَمِ، وَدُرَّ لَبَنُهَا لَهُمْ فَتَوَاتَرَتِ النِّعَمُ فَكَفَرُوا وَمَا شَكَرُوا، فَأَقْبَلَتِ النِّقَمُ. أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْكُفْرَانِ، وَحَفِظَنَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْخُسْرَانِ، إِنَّهُ إِذَا لَطَفَ صَانَ. الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ (أَيُّهَا السَّكْرَانُ بِالآمَالِ ... قَدْ حَانَ الرَّحِيلُ) (وَمَشِيبُ الرَّأْسِ وَالْفَوْدَيْنِ ... لِلْمَوْتِ دَلِيلُ) (فَانْتَبِهْ مِنْ رَقْدَةِ الفغفلة ... فَالْعُمْرُ قَلِيلُ) (وَاطْرَحْ سَوْفَ وَحَتَّى ... فَهُمَا دَاءٌ دَخِيلُ) يَا مَنْ صُبْحُ شَيْبِهِ بَعْدَ لَيْلِ شَبَابِهِ قَدْ تَبَلَّجَ، وَنَذِيرُهُ قَدْ حَامَ حَوْلَ حِمَاهُ وَعَرَّجَ، كَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ قَدْ أَتَى سَرِيعًا وَأَزْعَجَ، وَنَقَلَكَ عَنْ دَارٍ أَمِنْتَ مَكْرَهَا وَأَخْرَجَ، وحملك على خشونة النَّعْشِ بَعْدَ لِينِ الْهَوْدَجِ، وَأَفْصَحَ بِهَلاكِكَ وَقَدْ طَالَ مَا مَجْمَجَ، وَأَفْقَرَكَ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الزَّادِ وَأَحْوَجَ، يَا لاهِيًا فِي دَارِ الْبَلاءِ مَا أَقْبَحَ فِعْلَكَ وَمَا أَسْمَجَ، وَيَا عَالِمًا نَظَرَ النَّاقِدُ وَبِضَاعَتُهُ كُلُّهَا بَهْرَجٌ، وَيَا غَافِلا عَنْ رَحِيلِهِ سَلْبُ الأَقْرَانِ أُنْمُوذَجٌ.

1 / 103