226

التبصرة

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مخلدون﴾ الولدان: الغلمان. وفي المراد بقوله ﴿مخلدون﴾ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْخُلْدِ، وَالْمَعْنَى. أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ لِلْبَقَاءِ لا يَتَغَيَّرُونَ، وَهُمْ عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ الْمُقَرَّطُونَ وَيُقَالُ الْمُسَوَّرُونَ.
سَجْعٌ
هَذِهِ صِفَاتُ أَقْوَامٍ كَانُوا فِي مَرَاضِينَا يَجْتَهِدُونَ، ولأعدائنا بصدق ولائنا يجاهدون، وفي جادة الجد وَالاجْتِهَادِ يَجِدُّونَ، وَبَيْنَ الْخَوْفِ مِنَّا وَالطَّمَعِ فِينَا يترددون، فهم عند شقاء العصاة بالخلاف يَسْعَدُونَ، وَفِي جِنَانِ الْخُلُودِ عَلَى حِيَاضِ السُّعُودِ يردون ﴿يطوف عليهم ولدان مخلدون﴾ .
وَضَحَتْ لَهُمْ مَحَجَّةُ النَّجَاةِ فَسَارُوا، وَلاحَتْ لَهُمْ أَنْوَارُ الْهُدَى فَاسْتَنَارُوا، وَعَرَفُوا دَارَ الْكَرِيمِ فَطَافُوا حَوْلَهَا وَدَارُوا، وَصَانُوا مَطْلُوبَهُمْ عَنِ الأَغْيَارِ وَغَارُوا، وَلَمْ يَرْضَوْا فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ بِالدُّونِ ﴿يطوف عليهم ولدان مخلدون﴾ .
أَعْدَدْنَا لَهُمُ الْقُصُورَ وَالأَرَائِكَ، وَأَخْدَمْنَاهُمُ الْوِلْدَانَ وَالْمَلائِكَ وأبحناهم الجنان والممالك، وسلم عليهم في قصور الْمَالِكُ، وَإِنَّمَا وَهَبْنَا لَهُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ لأَنَّهُمْ كَانُوا فِي خِدْمَتِنَا يَجْتَهِدُونَ ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مخلدون﴾ .
اسْتَنَارَتْ بِالتَّحْقِيقِ طَرِيقُهُمْ، وَتَمَّ إِسْعَادُهُمْ وَتَوْفِيقُهُمْ، وَتَحَقَّقَ بِالْجِدِّ وَالاجْتِهَادِ تَحْقِيقُهُمْ، وَسَارُوا صَادِقِينَ فَوَضَحَتْ طَرِيقُهُمْ، وَشَرُفَ بِهِمْ مُصَاحِبُهُمْ وَرَفِيقُهُمْ، لأَنَّهُمْ أَخْلَصُوا فِي طَلَبِ مَا يَقْصِدُونَ ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ .
يَا مَنْ سَبَقُوهُ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَتَخَلَّفَ، وَأَذْهَبَ عُمْرَهُ فِي الْبَطَالَةِ وَتَسَوَّفَ،

1 / 246