121

التبصرة

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

المجلس التاسع
فِي ذِكْرِ إِسْحَاقَ وَقِصَّةِ الذَّبْحِ
الْحَمْدُ للَّهِ الذي أنشأ وبنا، وخلق الماء والثرى، وأبدع كل شيء ذرا، لا يَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ دَبِيبُ النَّمْلِ فِي اللَّيْلِ إِذَا سَرَى، وَلا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مَا عَنَّ وَمَا طَرَا، اصْطَفَى آدَمَ ثُمَّ عَفَا عَمَّا جَرَى، وَابْتَعَثَ نُوحًا فَبَنَى الْفُلْكَ وَسَرَى، وَنَجَّى الْخَلِيلَ مِنَ النَّارِ فَصَارَ حَرُّهَا ثَرَى، ثُمَّ ابْتَلاهُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ فَأَدْهَشَ بَصَبْرِهِ الْوَرَى ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أني أذبحك فانظر ماذا ترى﴾ .
أَحْمَدُهُ مَا قُطِعَ نَهَارٌ بِسَيْرٍ وَلَيْلٌ بِسُرَى، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ فِي أُمِّ الْقُرَى، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ صَاحِبِهِ فِي الدَّارِ وَالْغَارِ بِلا مِرَا، وَعَلَى عُمَرَ الْمُحَدَّثِ عَنْ سِرِّهِ فَهُوَ بِنُورِ اللَّهِ يَرَى، وَعَلَى عُثْمَانَ زَوْجِ ابْنَتِهِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى، وَعَلَى عَلِيٍّ بَحْرِ الْعُلُومِ وَأَسَدِ الشَّرَى، وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الرَّفِيعِ الْقَدْرِ الشَّامِخِ الذُّرَى.
قَالَ اللَّهُ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا ترى﴾ .
الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ: مَشْيُهُ مَعَهُ وَتَصَرُّفُهُ، وَكَانَ حِينَئِذٍ ابْنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَذَا الزَّمَانُ أَحَبُّ ما يكون الولد إلى والده، لأَنَّهُ وَقْتٌ يَسْتَغْنِي فِيهِ عَنْ مَشَقَّةِ الْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ وَقْتَ الأَذَى وَالْعُقُوقِ، فَكَانَتِ الْبَلْوَى أَشَدَّ.
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الذَّبِيحِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ. قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ المسيب وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ وَالْقُرَظِيُّ، فِي آخرين.

1 / 141