أنت معتلة عليه وما زا ... ل مهينًا لنفسه في رضاك
فقام حماد بين يدي المرأة وقبل رأسه وقال: جزاك الله خيرًا من أخ، أفصحت عما في ضميري، وشفيت غليلي. والمرأة تضحك، وحماد يقول لا عدمت منك هذا البر يا أخي، ثم أنشأ مطيع يقول:
فذريه وواصلي ابن إياس ... جعلت نفسه الغداة فداك
فغضب حماد وقال: يا ابن الفاعلة ما جئت بك على هذا، الحديث لنفسك لا لي فاستفرغت المرأة ضحكًا، ورابطت مطيعًا، وفارقت حمادًا، فكاد حماد يجن جنونا وجعل يشكو مطيعًا إلى الناس.
وكان مطيع بن إياس صديقًا ليحيى بن زياد، لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا، ويرى كل واحد منهما بصاحبه الدنيا مودة ومحبة، ثم فسد ما بينهما فتهاجرا، ففي ذلك يقول مطيع:
كنت ويحي كيدي واحد ... نرمي جميعًا ونرامى معا
إن عضني الدهر فقد عضه ... أو موجع نال فقد أوجعا
أو نام نامت أعين أربع ... منّا، وإن صم فلن أسمعا
حتى إذا ما الشيب في مفرقي ... لاح، وفي عارضه أسرعا
سعى سعاة بيننا دائبًا ... فكاد حبل الوصل أن يقطعا
فكاد أعداء لنا لم تزل ... تطمع في تفريقنا مطمعا
حتى إذا استمكن من عثرة ... أوقد نيران القلى مسرعا
ومما يستحسن من شعره كلمته التي أولها:
فلئن كنت لست تصحب إلا ... صاحبًا لا تزل ما عاش نعله