المجلس كما بلغك الا أن المجلس لكم والرئيس إمامكم وفي دون هذا يلحق الحصر وتعزب الحجة، فقلت: فأنا اسألك عن المسألة التي سألك عنها ابو الهذيل حتى تجيبني، فقال لي: قبل كل شي ء ينبغي للعاقل ان ينصف في القول كما يجب عليه ان يحسن في الفعل، فقلت له: صدقت فخبرني من وعظك بهذه الموعظة، النور؟ فهو مستغن عنها لأنه لا خير في العالم الا منه ولا «1» يكون منه الشر البتة، أم الظلمة؟ فلا يكون منها «2» الخير ابدا وهي مطبوعة على الشر فلا معنى لهذا الوعظ، قال: ثم قال لي: انت غافل عما عليك في هذا الباب، ان من مذهبك ان الله تعالى قد وعظ قوما يعلم انهم لا يتعظون، ويأمرهم بالخير ويعلم انهم لا يفعلون، وأرسل إليهم ويعلم انهم يكذبون، فليس بمستنكر أن اعظ من لا يقبل الوعظ ولا يكون منه الخير، قال جعفر:
بل انت غافل لأنك لا تعلم كيف قولنا لأنا نقول إن الله قد أقدر من امره بالخير عليه فهل تقول في الظلمة إنها تفعل الإقدار على الخير؟ فقال: أوليس من مذهبكم ان الكافر لا يقدر ان يؤمن والمؤمن لا يقدر ان يكفر؟ قال جعفر: ليس هذا من مذهبنا ومن قال بهذا «3» من أمتنا «4» فهو «5» شر حالا منك عندنا، فانقطع وقمت
ويقال إن جعفرا كان في صغره يمر على اصحاب ابي موسى فيعبث بهم ويؤذيهم فشكوا الى ابي موسى فقال: اجتهدوا ان تصيروه الى مجلسي، فلما صار الى مجلسه وسمع كلامه وعظته مر حتى دخل في الماء عاريا من ثيابه وبعث الى ابي موسى ليبعث إليه ثيابا فلبسها ولزم أبا موسى فخرج في العلم ما عرف به
صفحه ۷۵